186

Ibn Qayyim al-Jawziyya wa-juhūduhu fī khidmat al-sunna al-nabawiyya wa-ʿulūmihā

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها

Publisher

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقد أحسن الإمام الشوكاني ﵀ وصفه بقوله: "وليس له على غير الدليل مُعَوَّلٌ في الغالب، وقد يميل نادرًا إلى مذهب الذي نشأ عليه، ولكنه لا يَتَجَاسَر على الدفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة، كما يفعله غيره من الْمُتَمَذْهِبِيْنَ، بل لا بد له من مستند في ذلك، وغالب أبحاثه الإنصاف، والميل مع الدليل حيث مال، وعدم التعويل على القيل والقال"١.
ولقد حَذَّرَ هو ﵀ من خطورة الفتوى وفق مذهب يعلم المفتي أن دليل غيره أرجح من مذهبه الذي أفتى به، وَعَدَّ ذلك خيانة لله ورسوله، وغِشًَّا في الدين، فقال ﵀ عند ذكره فوائد وإرشادات للمفتين:
"ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه: أن يُفتي السائل بمذهبه الذي يُقَلِّدُه، وهو يعلم أن مذهب غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصح دليلًا ... فيكون خائنًا لله ورسوله وللسائل، وغاشًا له".
ثم يؤكد ﵀ هذا المعنى مبينًا التزامه ذلك في نفسه، فيقول: "وكثيرًا ما تَرِدُ المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده، فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول: هذا هو الصواب، وهو أولى أن يُؤْخَذَ به"٢.
ومن تَصَفَّحَ كتب ابن القَيِّم وَجَدَ له جملةً من الاختيارات على غير مذهب الحنابلة، ومناقشته له في بعض القضايا، مُرَجِّحًَا غيره عليه بالدليل.

١ البدر الطالع: (٢/١٤٤ - ١٤٥) .
٢ إعلام الموقعين: (٤/١٧٧) .

1 / 214