156

Ibn Qayyim al-Jawziyya wa-juhūduhu fī khidmat al-sunna al-nabawiyya wa-ʿulūmihā

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها

Publisher

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ولا يمتنع أيضًا: أن يكون سمع شيئًا، أو التقى بعض الشيوخ والعلماء في تلك الحَجَّات العديدة، فقد كان موسم الحج ملتقى لكثير من أهل العلم، من مختلف الأقطار وشتى البقاع، وقد سَجَّلَت لنا كتبُ التراجم الكثير من أقوال أهل العلم في ذكر ما سَمِعُوه أو أَسْمَعُوه في موسم الحج.
تلك بعضُ رحلات ابن القَيِّم وتنقلاته الداخلية، ولا يمتنع أن يكونَ قد سمع أو قرأ شيئًا على بعض الشيوخ في هذه الرحلات، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار: أن من شُيوخه من هو بعلبكي، ومنهم من هو مقدسي، كما مضى.
وقد تكون له رحلاتٌ أخرى لم تصل أخبارها إلى علمنا، فالله أعلم.
على أن عدمَ ارتحال ابن القَيِّم كثيرًا، وقلة خروجِهِ من دمشق لطلب العلم ولقاءِ المشايخ في بلاد أخرى. له ما يسوِّغه؛ فالذي يظهر أن ابن القَيِّم ﵀ قد وَجَدَ بُغْيَتَه، وحصَّل حاجته على شيوخ بلده "دمشق"، بحيث لم يحتج - مع ذلك - إلى البحث عن المزيد من الشيوخ خارج بلده.
فقد تَقَدَّم كيف غَدْتْ الشَّام - وبخاصة دمشق - حاضرةً علميةً، تموج بألوان النشاط العلمي، والمؤسسات التعليمية، مع وجود نُخْبَة من أَجِلَّةِ أهل العلم وجهابذته فيها آنذاك، الذين لا زالت آثارهم باقية تشهد بإمامتهم وطول باعهم، ووفور علمهم، الأمر الذي لم يجد ابن القَيِّم معه حاجة إلى الارتحال خارج بلده، كيف وقد كانت بلده محطَّ رِحَالِ أهل العلم وطلابه من شتى بقاع الدنيا؟!

1 / 180