135

Ibn Ḥanbal ḥayātuhu wa-ʿaṣruhu – ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

((كيف يتوهم على أبى عبد الله مثل هذا القول، وأنت تعلم أن الحق لا يخلو من أن يكون فى أحد الأمرين)) (١).

١٤- وقال فريق آخر إن أحمد كان يرى أن القرآن بحروفه، وكلماته، وعباراته ومعانيه، غير مخلوقة، وإن رسائل أحمد وكثيرا من عباراته المروية عنه تدل على ذلك، وتصرح به، ومن ذلك رسالته إلى المتوكل عندما طلب إليه هذا أن يبين له حقيقة رأيه، والقول الشافي في مسألة خلق القرآن

والجمع بين ما جاء في هذه الرسالة، والإجابات التي أجاب بها رسل المأمون وأجاب بها المعتصم أنه كان في أول الأمر يتوقف، ممتنعًا عن الخوض في أمر ليس من السنة الخوض فيه، فلم يعلن رأيه أو لعله لم يكن قد كون لنفسه فيه رأيًا، فلما طم السيل، وراجع المصادر التي بين يديه من الآثار وأخبار الصحابة والتابعين أعلن رأيه هذا مع حرصه على أن عدم الخوض أولى، وأن الاختصام في كتاب الله تعالى لا يجوز

١٥- ولمكان رسالته إلى المتوكل من الفصل في القضية ننقلها لك كما جاءت في الحلية، وتاريخ الذهبي، وهذا نص ما جاء فيهما عن عبد الله بن أحمد.

((كتب عبيد الله بن يحيى إلى أبي يقول له إن أمير المؤمنين أمرني أن أكتب إليك أسألك عن أمر القرآن، لا مسألة امتحان ولكن مسألة معرفة وتبصرة، فأملى على أبي رحمه الله إلى عبيد الله بن يحيى:

((بسم الله الرحمن الرحيم، أحسن الله عاقبتك أبا الحسن في الأمور كلها، ودفع عنك مكاره الدنيا والآخرة برحمته، وقد كتبت إليك رضي الله عنك بالذي سأل عنه أمير المؤمنين بأمر القرآن بما حضرني، وإني أسأل الله أن يديم توفيق أمير المؤمنين، فقد كان الناس في خوض من الباطل، واختلاف شديد ينغمسون فيه، حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين، فنفى الله بأمير المؤمنين كل بدعة، وانجلى عن الناس ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس، فصرف الله ذلك كله، وذهب به أمير المؤمنين، ووقع ذلك من المسلمين موقعًا عظيمًا، ودعوا الله لأمير المؤمنين، أن يزيد في نيته وأن يعينه على ما هو عليه ...

(١) اختلاف اللفظ ص ٥٥ .

134