يشرح محيي الدين هذا الحديث، الذي توهم فيه بعض الأغرار ما يفيد الوحدة، فيقول: «أي: إن من تقرب إلى ربه فأحبه، أفاض عليه أنوار المعرفة، فانكشفت له الحقائق، فرأى كل شيء بنور هذه المعرفة.» ثم يقول: «لا حلول ولا اتحاد، فإن القول بالحلول مرض لا يزول، ومن فصل بينك وبينه فقد أثبت عينك وعينه، ألا ترى إلى قوله: كنت سمعه الذي يسمع به، فأثبتك بإعادة الضمير إليك؛ ليدلك عليك، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول.»
ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، وما قال بالحلول إلا أهل الجهل والفضول. أيرمى صاحب هذا القول بالاتحاد والحلول؟! سبحانك ربي! وإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
ويقول في باب الأسرار: «أنت أنت، وهو هو، فإياك أن تقول، كما قال العاشق:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
فهل قدر هذا أن يرد العين واحدة؟ لا والله ما استطاع، فإنه جهل، والجهل لا يتعقل حقا.»
وقال أيضا: «إياك أن تقول: أنا هو، وتغالط؛ فإنك لو كنت هو لأحطت به، كما أحاط - تعالى - بنفسه.»
ثم يقول هو من الآيات في توضيح فكرته: «اعلم أن العاشق إذا قال:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
كان ذلك كلاما بلسان العشق والمحبة، لا بلسان العلم والتحقيق؛ ولذلك يرجع أحدهم عن هذا القول إذا صحا من سكره.»
إذا قال القائل:
Unknown page