الأمر الثالث: لو رجع الشيخ للكتب التي تناقش مسائل اختلاف العلماء ولعل أشهرها كتاب (رفع الملام) لابن تيمية رحمه الله لعرف عذر المخالفين فقد لا يثبت عندهم أمر ما أو نهي ما وعلى هذا فلا يجوز له والحالة هذه أن يقول: هم ينكرون ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ لأنهم متأولون وليسوا منكرين، وهناك فرق كبير بين الإنكار المبني على المكابرة والتأويل العارض من دليل
وشبهة، أو تركهم العمل بدليل يرون ضعفه، فهذا لا يعني أنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض! أو آمنوا ببعض ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفضوا بعضا.
وكذلك لم يراع الشيخ الجهل فالجهل بالشيء يمنع من إطلاق الكفر على الجاهل.
وعلى منهج الشيخ يمكن للعلماء المختلفين أن يكفر بعضهم بعضا بدعوى كل عالم أن الآخر أنكر شيئا مما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)! وأنه بهذا كمن كذب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جملة! وهكذا... بينما الصواب غير هذا فالطرف الآخر لا يقر لك بأنه ينكر شيئا مما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وإنما يقول لك: هذا لم يثبت عندي أو يقول: إنما معناه كذا أو يعارضه كذا... الخ(1).
Page 58