88

مما بنت لسليمان الشياطين

والبحتري يصف إيوان كسرى المهجور فيقول:

ليس يدرى: أصنع إنس لجن

سكنوه أم صنع جن لإنس؟

فهو هنا يرى بناء فخما مهجورا يصح أن يكون من صنعة الإنس للجن؛ لأنه خراب موحش كمساكن الجان، ويصح أن يكون من صنعة الجن للإنس؛ لأنه فيما هاله من فخامته أكبر مما تبلغه طاقة الإنسان.

ولا يفهم القول بتسخير الجان لخدمة الفنون فهما صحيحا إلا مع التفرقة الواجبة بين نوعين من التسخير ينبغي ألا يلتبس أحدهما بالآخر في هذا المقام.

فالتسخير الذي يشمل بني آدم جميعا، ويشمل القوى والعناصر جميعا غير التسخير الذي يأتي فلتة من حين إلى حين بالحيلة التي يحتالها الشيطان، أو يحتالها الإنسان، ولا تبلغ بحال من الأحوال أن تساق مساق التعميم في الكلام على خلق الأحياء وخلق السماوات والأرضين.

فمن التسخير الذي يجري مجرى النواميس الكونية قوله تعالى في القرآن الكريم:

وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه .

وقوله تعالى:

Unknown page