Al-Ibāna al-kubrā li-Ibn Baṭṭa
الإبانة الكبرى لابن بطة
Editor
رضا معطي، وعثمان الأثيوبي، ويوسف الوابل، والوليد بن سيف النصر، وحمد التويجري
Publisher
دار الراية للنشر والتوزيع
Publisher Location
الرياض
Genres
Ḥadīth
بَابُ الْقَوْلِ فِيمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ
٤٦٧ - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ سَلْمَانَ النِّجَادَ، يَقُولُ: " وَمِنَ الْفِرَقِ الْهَالِكَةِ قَوْمٌ أَحْدَثُوا شَيْئًا أَنْكَرَهُ الْعُلَمَاءُ. وَذَكَرَ أَنَّ الصُّورِيَّ كَانَ نَزَلَ بَغْدَادَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ سُوقَ يَحْيَى وَأَظْهَرَ التَّقَلُّلَ وَالتَّقَشُّفَ، وَقَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: «إِنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ»، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ الْحَرَكَةَ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أَمْرِهِ، فَطَائِفَةٌ تَنْصُرُهُ، وَطَائِفَةٌ تُنْكِرُ عَلَيْهِ فَسَأَلُوا عَبْدَ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقَ وَهَارُونَ الْحَمَّالَ فَعَرَضَا كَلَامَهُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ "
٤٦٨ - وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ ⦗٢٩٨⦘ اللَّهِ: إِنَّ رَجُلًا قَدْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ وَقَدْ قَعَدَ النَّاسُ يَخُوضُونَ فِيهِ، وَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: اذْهَبُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمَشْيَخَةِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَقُولُونَ، وَقَدْ جَاءُوا بِكَلَامِهِ عَلَى أَنْ يَعْرِضُوهُ عَلَيْكَ وَهَذِهِ الرُّقْعَةُ، فَقَالَ: " هَاتِهَا. فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَكَانَ فِيهَا: خَلَقَ اللَّهُ ﷿ لَنَا عُقُولًا، وَأَلْهَمَنَا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَأَلْهَمَنَا الرُّشْدَ، وَأَوْجَبَ عَلَيْنَا فِيمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا الشُّكْرَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَهَكَذَا إِيمَانُنَا قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَنِيَّةٌ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالْفِعْلِ، إِذْ كَانَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَا عَلَى الْقَوْلِ، فَمَنْ قَالَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ يُرِيدُ الْقَوْلَ فَهُوَ كَافِرٌ»، وَبَعْدَ هَذَا يُعْرَضُ كَلَامِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ خَطَأً رَجَعْتُ وَتُبْتُ إِلَى اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ صَوَابًا، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَرَأَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالْفِعْلِ، فَرَمَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِالرُّقْعَةِ مِنْ يَدِهِ، وَغَضِبَ شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: " هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُحَذَّرَ عَنْهُ وَلَا يُكَلَّمَ، هَذَا كَلَامُ جَهْمٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا قُلْتَ مَخْلُوقٌ عَلَى الْحَرَكَةِ، هَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْكَرَابِيسِيِّ، إِنَّمَا أَرَادَ: الْحَرَكَاتُ مَخْلُوقَةٌ، هَذَا قَوْلُ جَهْمٍ، وَيْلَهُ إِذَا قَالَ: إِنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ، فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: «الْإِيمَانُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَخْلُوقٌ؟، قَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ؟ وَعَلَى مَنْ نَزَلَ؟ وَمَنْ يُجَالِسُ؟ قُلْتُ: هُوَ غَرِيبٌ، قَالَ: حَذِّرُوا عَنْهُ، لَيْسَ يُفْلِحُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ. ⦗٢٩٩⦘ ثُمَّ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَمَرَ بِمُجَانَبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: انْظُرْ كَيْفَ قَدْ قَدَّمَ التَّوْبَةَ أَمَامَهُ: إِنْ أَنْكَرَ عَلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تُبْتُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أُنْكِرُهُ عَلَيْهِ
6 / 297