1265

Al-Ibāna al-kubrā li-Ibn Baṭṭa

الإبانة الكبرى لابن بطة

Editor

رضا معطي، وعثمان الأثيوبي، ويوسف الوابل، والوليد بن سيف النصر، وحمد التويجري

Publisher

دار الراية للنشر والتوزيع

Publisher Location

الرياض

Genres

Ḥadīth
بَابُ مَا رُوِيَ فِي جَهْمٍ وَشِيعَتِهِ الضُّلَّالِ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قَبِيحِ الْمَقَالِ
٣١٧ - حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ التَّوْزِيُّ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: وَكَانَ مِمَّا عَلِمْنَا مِنْ أَمْرِ عَدُوِّ اللَّهِ جَهْمٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ التِّرْمِذِ، وَكَانَ صَاحِبَ خُصُومَاتٍ وَكَلَامٍ، وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي اللَّهِ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ اللَّهِ وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ ﷿» فَلَقِيَ جَهْمٌ نَاسًا يُقَالُ لَهُمُ: ⦗٨٧⦘ السُّمَنِيَّةُ فَعَرَفُوا جَهْمًا، فَقَالُوا لَهُ: نُكَلِّمُكَ فَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْكَ دَخَلْتَ فِي دِينِنَا، وَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُكَ عَلَيْنَا دَخَلْنَا فِي دِينِكَ، فَكَانَ مِمَّا كَلَّمُوا بِهِ جَهْمًا أَنْ قَالُوا لَهُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ لَكَ إِلَهًا؟. قَالَ جَهْمٌ: نَعَمْ. فَقَالُوا: هَلْ رَأَيْتَ إِلَهَكَ؟ قَالَ: لَا. ⦗٨٨⦘ قَالُوا: أَسَمِعْتَ كَلَامَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: فَسَمِعْتَ لَهُ حِسًّا؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ إِلَهٌ؟. قَالَ: فَتَحَيَّرَ جَهْمٌ، فَلَمْ يُصَلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ حُجَّتَهُ مِثْلَ حُجَّةِ زَنَادِقَةِ النَّصَارَى، وَذَلِكَ أَنَّ زَنَادِقَةَ النَّصَارَى تَزْعُمُ أَنَّ الرُّوحَ الَّتِي فِي عِيسَى ﵇ هِيَ رَوْحُ اللَّهِ مِنْ ذَاتِهِ كَمَا يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْخِرْقَةَ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ فَدَخَلَ فِي جَسَدِ عِيسَى فَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِ عِيسَى، وَهُوَ رَوْحٌ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ، فَاسْتَدْرَكَ جَهْمٌ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ، فَقَالَ لِلسُّمَنِيَّةِ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ فِي أَجْسَادِكُمْ أَرْوَاحًا؟. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ رَأَيْتُمْ أَرْوَاحَكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَسَمِعْتُمْ كَلَامَهَا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَشَمَمْتُمْ لَهَا رَائِحَةً؟ قَالُوا: لَا. قَالَ جَهْمٌ: فَكَذَلِكَ اللَّهُ ﷿ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، وَوَجَدْنَا ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ⦗٨٩⦘ ﷿، قَوْلَهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وَقَوْلَهُ ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾، وَقَوْلَهُ ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] فَبَنَى أَصْلَ كَلَامِهِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ الْآيَاتِ، وَوَضَعَ دِينَ الْجَهْمِيَّةِ، وَكَذَّبَ بِأَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَأَوَّلَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى تَأْوِيلِهِ، فَاتَّبَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَضَلَّ بِكَلَامِهِ خَلْقًا كَثِيرًا

6 / 86