فمما لا يحل لأحد أن يتفكر فيه ولا يسأل عنه ولا يقول فيه لم لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم خلق الله إبليس وهو قد علم قبل أن يخلقه أنه سيعصيه وأن سيكون عدوا له ولأوليائه ولو كان هذا من فعل المخلوقين إذا علم أحدهم أنه إذا اشترى عبدا يكون عدوا له ولأوليائه ومضادا له في محابه وعاصيا له في أمره ولو فعل ذلك لقال أولياؤه وأحباؤه إن هذا خطأ وضعف رأي وفساد نظام الحكمة فمن تفكر في نفسه وظن أن الله لم يصب في فعله حيث خلق إبليس فقد كفر ومن قال أن الله لم يعلم قبل أن يخلق إبليس أنه يخلق إبليس عدوا له ولوليائه فقد كفر ومن قال أن الله لم يخلق إبليس اصلا فقد كفر
وهذا قول الزنادقة الملحدة فالذي يلزم المسلمين من هذا أن يعلموا أن الله خلق إبليس وقد علم منه جميع أفعاله ولذلك خلقه ويعملوا أن فعل الله ذلك عدل صواب وفي جميع أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ومما يجب على العباد علمه وحرام عليهم أن يتفكروا فيه ويعارضوه بآرائهم ويقيسوه بعقولهم وأفعالهم لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم جعل الله لإبليس سلطانا على عباده وهو عدوه وعدوهم مخالف له في دينه ثم جعل له الخلد والبقاء في الدنيا إلى النفخة الأولى وهو قادر على أن لا يجعل له ذلك لو شاء أن يهلكه من ساعته لفعل ولو كان هذا من فعل العباد لكان خطأ وكان يجب في أحكام العدل من العباد أن إذا كان لأحدهم عبد وهو عدو له ولأحبائه ومخالف لدينه ومضاد له في محبته أن يهلكه من ساعته وإذا علم أنه يضل عبيده ويفسدهم ففي حكم العقل والعدل من العبادات أن لا يسلطه على شيء من الأشياء ولا يجعل له سلطانا ولا مقدرة ولو سلطه عليهم كان ذلك من فعله عند الباقين من عباده ظلما وجورا حيث سلط عليهم من يفسدهم عليه ويضاده فيهم وهو عالم بذلك من فعله وقادر على منعه وهلكته فممن تفكر في نفسه فظن أن الله لم يعدل حين جعل لإبليس الخلد والبقاء وسلطه على بني آدم فقد كفر ومن زعم أن الله عز وجل لم يقدر أن يهلك إبليس من ساعته حين أغوى عباده فقد كفر وهذا من الباب الذي يرد علمه إلى الله ولا يقال فيه لم ولا كيف لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
Page 248