ماء عذبا صافيا ، فأراق الناس مياههم وجددوا مياها طيبة ، واستبشروا بكثرة الماء ، وجددوا شكر الله على ذلك. وأحد هاتين المصفاتين صهريج عظيم الدائرة كبيرها لا يكاد يقطعه السابح إلا عن جهد ومشقة ، وكان الماء قد علا فيه أزيد من قامتين ، فتنعم الناس من مائه سباحة واغتسالا وتنظيفا للثياب ، وكان يومهم فيه من أيام راحة السفر. وذكر ابن شهر آشوب (1): وفي الشقوق رأى الحسين (عليه السلام) رجلا مقبلا من الكوفة فسأله عن أهل العراق ، فأخبره أنهم مجتمعون عليه ، فقال (عليه السلام): «إن الأمر لله يفعل ما يشاء ، وربنا تبارك وتعالى هو كل يوم في شأن». ثم أنشد :
فإن تكن الدنيا تعد نفيسة
فدار ثواب الله أعلا وأنبل
قالوا : ومن الشقوق سار بظعينته إلى زبالة.
حتى أتى زبالة حط السرى
وجاءه الكوفي في جنح الدجى
(زبالة): بضم أوله ، منزل معروف بطريق مكة من الكوفة. ذكر المقدسي : من زبالة وهي عامرة واسعة الماء إلى الشقوق أحد وعشرون ميلا. قال ابن الكلبي : سميت زبالة باسم زبالة بنت مسعر ، امرأة من العمالقة نزلتها ، وقيل : سميت بزبالة بزبلها الماء ، أي بضبطها له وأخذها منه. وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. قال السكوني : زبالة بعد القاع من الكوفة ، وقبل الشقوق فيها حصن وجامع لنبي غاضرة من بني أسد. ويوم زبالة من أيام العرب ، وفي زبالة استنقذ بنو نبهان أو الغاضريون جماعة من الطالبيين الذين ثاروا مع
Page 84