Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Genres
هذا الرجل المتزن يقوم مقاله على الفكرات الآتية: (1)
إن
العالم الذي يسير في أموره الآن بما يشبه سرعة الكهرباء محتاج في تثبيت أفكاره إلى أخصر رسم وأوجزه؛ ولذلك اخترع الكتابة الاختزالية، ولكن رسومها مبهمة معقدة صعبة التعليم والتحصيل والتفسير، في حين أن رسمنا العربي الاختزالي بوضعه، والقابل لزيادة اختزاله عما هو عليه، هو رسم واضح المعالم، يستطيع ممارس العربية قراءة ما هو مكتوب به من زيادة عن ألف سنة إلى اليوم. (2)
إن رسمنا العربي إذا كان لا يقبل وضع حروف أو إشارات للحركات ملتصقة بهيكل الكلمات، فإن ضرر ذلك منحصر في خفاء حركة الحروف وحركة الإعراب على القارئ. وهذا ضرر يساويه - بل يربي عليه - ضرر ضبط الحركات بإشاراتها أو بأحرفها، وخصوصا بالرسم اللاتيني؛ لأن هذا الضبط يستدعي أن يكون الكاتب ملما إلماما تاما بالفصحى حتى لا يخطئ في الكتابة فيشوش أوضاع اللغة، ويسري هذا الخطأ والتشويش من بعد إلى القارئين. (3)
إن الأولى في العلاج - والحال ما ذكر - إنما هو النظر في تيسير قواعد نحو اللغة وصرفها لتهوين أمرها على الناس. وهو يقرر في وضوح وجلاء أن تلك القواعد أصبحت وزرا وحملا ثقيلا على الأجيال الحاضرة، بل على ممارسيها الاختصاصيين أنفسهم. ثم هو لا يقف عند مجرد القول، بل يذكر أمثلة مما يرى إمكان ورود الإصلاح عليه؛ يذكر أن لا لزوم للتذكير والتأنيث في ألفاظ العدد، ولا لزوم لجر الممنوع من الصرف بالفتحة، ولا لنصب جمع المؤنث السالم بالكسرة، ولا لعدم إعمال حرف الجر في المبني من الظروف، وأن توحد حركة عين المضارع في جميع الأحوال.
8
ويرى أن لا محل، عندما يكون الفعل مؤخرا عن الفاعل؛ لأن تكون الجملة مركبة من مبتدأ وجملة هي الخبر، بل يكون التركيب جملة واحدة مركبة من فعل وفاعل أو مسند إليه ومسند. وهو لا يستبد برأيه، بل يكل الأمر في ذلك جميعه للمختصين، على أنه غير متردد في الاعتراف بأن مثل هذا التيسير يفقد الناس سجية حاصلة لهم الآن في التلفظ بالكلام العربي. ولكنه يقول إن السجية عادة وإلف، وإن الزمن كفيل بطبع الناس على مثل ما يرى من هذه الوجوه الإصلاحية التي يقول إنها تسهل اللغة من غير مس بجوهرها. (4)
لا نغير رسم كتابتنا إلا إذا أجمعت أمم العالم على رسم واحد لكتابة كل اللغات، فعندها يكون لا محيص لنا عن متابعتها.
كل ذلك يورده صاحب المقال في عبارات مفصلة سهلة متزنة يأخذ بعضها في الاتساق بيد البعض، لا تشم فيها رائحة الشغب ولا نية الاستعلاء الكاذب ولا الاتجاه لتطاول القصار، بل تتنسم منها إرادة الإصلاح ليس غير، وتتحقق فيها الرجولة التي تدفعك إلى إكبار الواضع.
والآن هل يسمح لي هذا الرجل النزيه التفكير أن أفضي بملاحظاتي على ما خط من قيم البيان؟ إن سمح قلت له في إخلاص يمازجه الاحترام:
Unknown page