ولما كان التناقض في يثرب يتجاوز القبلية إلى العنصرية الدينية، فقد كان لا بد من حسم في الموقف السياسي نحو توحيد لكل العناصر، أو تخليص يثرب من العناصر المناقضة للتطور الجديد. ومن ثم كان لا بد من موقف باتر لكل لون من المعارضة الداخلية كخطوة إجرائية أساسية، خاصة إذا جاءت تلك المعارضة من الجانب الذي يمثل اختلافا أيديولوجيا غير مرجو الانضواء للدولة. وهنا نقرأ ما حدث بعد إصابة الملأ المكي في بدر، والفزع الذي أصاب يهود النضير مصحوبا بالحزن والأسى، ممثلا في قول «كعب بن الأشرف»:
أترون محمدا قتل هؤلاء؟ فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس! والله لئن كان محمد قد أصاب هؤلاء القوم، لبطن الأرض خير من ظاهرها.
ثم أخذ يرسل نحيبه الباكي شعرا يرثي صرعى القليب ويقول:
طحنت رحى بدر لمهلك أهله
ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم
لا تبعدوا؛ إن الملوك تصرع
كم ذا أصيب به من ابيض ماجد
ذي بهجة يأوي إليه الضيع
صدقوا؛ فليت الأرض ساعة قتلوا
Unknown page