Hurriyya Insaniyya Wa Cilm
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genres
الاختيار هو الذي يحدد، وهو كما عرفه التوحيدي في المقابسات: إرادة تقدمتها روية مع تمييز، أما الفعل الحر فهو على حد تعبير الغزالي ما يصدر عن إرادة حقيقية، بينما الفاعل الحر هو من يصدر منه الفعل مع الإرادة للفعل وعلى سبيل الاختيار ومع العلم بالمراد،
26
وتصبح الحرية هي تلك الملكة التي تميز الكائن الناطق من حيث هو موجود عاقل يصدر في أفعاله عن إرادته هو، لا عن أية إرادة أخرى غريبة عنه.
27
ومن الممكن التمييز بصفة عامة بين نوعين للحرية: حرية التنفيذ وحرية التصميم، والمقصود بحرية التنفيذ: تلك المقدرة على العمل أو الامتناع عن العمل دون الخضوع لأي ضغط خارجي. نحن هنا بإزاء حرية طبيعية أو فيزيائية تعبر عن تلقائية الكائن الناطق واستقلاله الذاتي، الحرية بهذا المعنى عبارة عن القدرة على المبادأة والمبادرة
INITIATIVE ، مع انعدام كل قسر خارجي، أما حرية التصميم فهي عبارة عن المقدرة على الاختيار حين نكون بإزاء فعلين مختلفين، أو حينما يكون في وسعنا أن نفعل أو نمتنع عن الفعل،
28
حرية التنفيذ هي حرية الفعل وملكتها الإرادة، وحرية التصميم هي حرية القرار وملكتها الاختيار، الأولى تطبيق للثانية، والثانية مقدمة شرطية للأولى، بعبارة أخرى هما وجهان لعملة واحدة، هكذا تدخل مفاهيم الحرية والإرادة والاختيار في وحدة عضوية.
على أن إمكانية الاختيار بين بلدين على الأقل هي الشرط الأساسي الذي تدور معه الحرية وجودا وعدما، وإقرار أن الإنسان مريد يختار على الأقل بين فعلين ممكنين يعني أنه حر، ليس فقط بمعنى أنه قادر على فعل ما اختار أن يفعله، ولكنه أيضا حر بمعنى أنه ليس مجبرا على اختيار ما اختاره بواسطة علل خارجة عن نطاق تحكمه،
29
Unknown page