ومهما عمل الإنسان من عمل وفيه شائبة من الرياء والمنة فإنه من الخاسرين الذي يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، والمسكين مثاب على ما أصابه من الفقر إذا صبر وشكر لأن الله لم يفقره إلا لينظر صبره ، ولم يغن الغني إلا لينظر شكره ، والأغنياء وكلاء الله فليعطوا عباد الله الضعفاء ولا يبخلوا أبدا ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إن الله جل جلاله في آخر ساعة تبقى من ساعات الليل يأمر ملكا ينادي فيسمع ما بين الخافقين ما خلا الإنس والجن ألا هل من مستغفر فيغفر له ، هل من تائب يتب عليه ، هل من داع بخير يستجب
له ، هل من سائل يعط سؤله ، هل من راغب يعط رغبته ، يا صاحب الخير أقبل يا صاحب الشر أقصر اللهم أعط كل منفق مال خلفا ، وأعط كل ممسك مال تلفا ) (1) .
يقال إن رجلا من بني إسرائيل كان يتناول الطعام مع زوجته ذات يوم فطرق الباب عليهما طارق .
قالوا : من الطارق ؟
قال : سائل يطلب إحسانا .
وكان أمام الرجل دجاجة فقالت زوجته : أعطه شيئا منها .
فقال لها زوجها : لا .
وبعد ذلك طرد السائل شر طرده ، ومرت الأيام وإذا بهذا الرجل يصاب بالفقر الشديد ويطلق زوجته من شدة الفقر ، وتمر الأيام وتتزوج المرأة ، وتجلس مع زوجها يتناولان الطعام ذات يوم وإذا بالباب يطرق وإذا بالطارق سائل .
وكان أمام الرجل ( زوجها الثاني ) دجاجة فقال لها زوجها : خذي الدجاجة كلها وأعطيها للسائل فلما أعطته الدجاجة رجعت حزينة باكية .
فقال لها زوجها : أحزنت لأننا تصدقنا بالدجاجة ؟
فقالت : كلا إنما أبكي أتدري من السائل ، إنه زوجي الأول .
فقال لها : أتدرين من أنا ، وأنا السائل الأول .
دع المقادير تجري في أعنتها
ما بين غمضة عين وانتباهتها
ولا تبيتن إلا خالي البالي
يغير الله من حال إلى حال
الإحسان إلى الجيران { والجار ذي القربى والجار الجنب }
Page 83