لقد ظن الضال القوي ، أن الغاوي هو القوي ، وأنه له قدرة الله رب العالمين ، فإذا به يراه الآن في أول الخاسرين ، وفي مقدمة العاجزين إن الضلال المبين ، يتضح له الآن وقد أصبح في اللظى ، والتذكر يفيض اليوم في ذهنه ، وأنى له الذكرى ، إنه يتلفت ليبحث عن الشفعاء الذين فيهم توهم ، فلا يجدهم بل لا يجد إلا الحسرة والندم
(فما لنا من شافعين ?100? ولا صديق حميم ?101?) الشعراء 100/101
ولما لم يعد يلجأ إلى الأحلام والامتنان ، قالوا لنا كرة نكون من المؤمنين ،إنه حلم محال ، وأمنية مستحيلة ، ولكن هذه الأمنية
التي يرجوا فيها الرجوع إلى الدنيا كرة ثانية ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، بأن الشفاعة في ذلك مستحيلة ، كما أن الرجوع إلى الدنيا كرة أخرى مستحيل ،
فهو يفر من المستحيل إلى المستحيل ، وذلك هو الضلال الوبيل ، وذلك هو الوهم الغفول ، في أن الشفيع سيكون أمامه عند الوصول ، وأنه له بالنجاة من النار الكفيل ،
وهذا اعتداء على الله الجليل ، وافتراء على رب العالمين ، ولكي تستزيد يقينا أن الشفاعة
مستحيلة يوم الدين ، نغادر هذه الآيات في سورة الشعراء ، إلى سورة البقرة ، لنبدأ الحكاية من أول الكتاب ، ونواصل استقصاء الآيات على التوالي في السور التي تلي سورة البقرة ،
حتى نصل إلى السورة الأخيرة ، والآية الأخيرة التي تحتوي على كلمة شفاعة وشفعاء في الآخرة ، يقول الله في سورة البقرة في ظن بني إسرائيل ،
وهم الذين يظنون أن لهم من الأكرام ، ما يخرجهم من النار ، بعد عدة أيام
(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ?47?
Unknown page