نسمع موسى عليه السلام يرد التهديد ويردع التضليل بالاعتصام بربه الجليل فيقول:
(إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) [غافر:27]
وبهذا اليقين في رب العالمين يبرز الرجل كالشهاب اللامع، والنجم الساطع، والسيف القاطع، لتمزيق ظلام الكتمان عن إيمانه وليعلن أمام الملأ تسفيه الطاغية المستكبر ويدحض تضليله المسيطر وينبه الملأ الغافلين بأنهم في طريق الهلاك سائرون، ويضع أمامهم حجج الرسول بأسلوب سلس معقول وبيان ساطع في ليل التضليل. فاستمعوا الرجل المسئول كيف يقول:
(وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) [غافر:28]
وهكذا يستمر مقارعا للطغيان ومدافعا عن الهدى والإيمان، وحاملا رسالة الحق بعزم قوي ما ضعف ولا استكان، يقاطع فرعون في الكلام، ويقف له ندا أمام الملأ النوام، ويشرح لهم قدرة الله العلام، ويوضح لهم مصير المكذبين وهلاك الغابرين، ويعلن خوفه على قومه والملأ من نفس المصير في الدنيا ، ومن السعير في الدار الأخرى، (وياقوم إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد) [32-33]
أترون كيف حمل الرسالة، وأتقن القول أمام الجهالة، أتدركون كيف وقف أمام الاستكبار؟ بقوة وإصرار، وعزم لا يلين لجبار.
هكذا تحمل الرسالات، وهكذا يكون موقف المؤمنين بالله وعلى هذا الطريق يجب أن يمضي من اتبع الرسل مؤمنا، وآمن بربه موقنا.
إنه يحمل ما حملوا، ويواصلوا ما بدأوا، ويستمر على الطريق الذي شرعوا.
لا يضعف ولا يستكين، ولا يتردد ولا يلين.
بل يواصل المسير بعزم ويقين يدعو إلى صراط ربه المستقيم، مطمئنا إلى نصر ربه العظيم، وحمايته من كل مستكبر لئيم.
Unknown page