Hulal Sundusiyya
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
Genres
ومدينة طليطلة من طلبيرة شرقا وهي مدينة عظيمة القطر، كثيرة البشر حصينة الذات، لها أسوار حسنة، فيها حصانة ومنعة وهي أزلية، من بناء «العمالقة»
271
وقليلا ما رؤي مثلها إتقانا، وشماخة
272
بنيان، وهي عالية الذرى، حسنة البقعة زاكية الرقعة، وهي على ضفة النهر الكبير المسمى «تاجه» لها قنطرة من عجيب البنيان، وهي قوس واحدة والماء يدخل تلك القوس كله بعنف وشدة جري، ومع آخر القنطرة ناعورة ارتفاعها في الجو 90 ذراعا، وهي تصعد الماء إلى أعلى القنطرة، والماء يجري على ظهرها فيدخل المدينة. ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم دار مملكتهم، وموضع قصدهم، ووجد أهل الإسلام فيها عند افتتاح الأندلس ذخائر كادت تفوق الوصف كثرة، فمنها أنه وجد بها 170 تاجا من الذهب مرصعة بالدر، وبأصناف الحجارة الثمينة، ووجد بها ألف سيف مجوهر، ملكي، ووجد بها من الدر والياقوت أكيال وأوساق. ووجد بها من أنواع آنية الذهب ما لا يحيط به تحصيل، ووجد بها مائدة سليمان بن داود، وكانت في ما يذكر من زمردة وهذه المائدة اليوم في مدينة رومة .
ولمدينة طليطلة بساتين محدقة بها وأنهار جارية مخترقة، ودواليب دائرة، وجنات يانعة، وفواكه عديمة المثال، لا يحيط بها تكييف ولا تحصيل، ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة، وقلاع منيعة، تكنفها. وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل العظيم المتصل المعروف بالشارات، وهو يأخذ من ظهر مدينة سالم إلى أن يأتي قرب مدينة قلمرية. في آخر المغرب. وفي هذا الجبل من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد، ولا يوجد شيء من أغنامه وأبقاره مهزولا، بل هي في نهاية السمن، ويضرب بها في ذلك المثل، في جميع أقطار الأندلس. وعلى مقربة من طليطلة قرية تسمى بمغام،
273
وجبالها وترابها الطين المأكول، الذي ليس على قرارة الأرض مثله، يتجهز به منها إلى أرض مصر وجميع بلاد الشام والعراقات وبلاد الترك، وهو نهاية في لذاذة الأكل، وفي تنظيف غسل الشعر.
274
ولطليطلة في جبالها معادن الحديد والنحاس، ولها من المنابر في سفح هذا الجبل مجريط،
Unknown page