233

Al-ḥulal al-sundusiyya fī al-akhbār waʾl-āthār al-Andalusiyya (al-juzʾ al-awwal)

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

Genres

ويرى أن هذه السمة أعظم ما تنوفس فيه وظفر به، وهي موجودة في أمداح شعرائهم وتواريخهم، وصار اسم الوزارة عاما لكل من يجالس الملوك، ويختص بهم، وصار الوزير الذي ينوب عن الملك، يعرف بذي الوزارتين،

664

وأكثر ما يكون فاضلا في علم الأدب، وقد لا يكون كذلك، بل عالما بأمور الملك خاصة.

وأما الكتابة فهي على ضربين، أعلاهما كاتب الرسائل، وله حظ في القلوب والعيون عند أهل الأندلس، وأشرف أسمائه الكاتب. وبهذه السمة يخصه من يعظمه في رسالة. وأهل الأندلس كثيرو الانتقاد على صاحب هذه السمة، لا يكادون يغفلون عن عثراته لحظة، فإن كان ناقصا عن درجات الكمال، لم ينفعه جاهه، ولا مكانه من سلطانه، من تسلط الألسن، والطعن عليه وعلى صاحبه.

والكاتب الآخر كاتب الزمام،

665

هكذا يعرفون كاتب الجهبذة، ولا يكون بالأندلس وبر العدوة، لا نصرانيا ولا يهوديا البتة، إذ هذا الشغل نبيه، يحتاج إلى صاحبه عظماء الناس ووجوههم. وصاحب الأشغال الخراجية في الأندلس أعظم من الوزير، وأكثر أتباعا وأصحابا، وأجدى منفعة، فإليه تميل الأعناق، ونحوه تمد الأكف، والأعمال مضبوطة بالشهود والنظار.

ومع هذا إن تأثلت حالته، واغتر بكثرة البناء والاكتساب، نكب وصودر. وهذا راجع إلى تقلب الأحوال، وكيفية السلطان .

وأما خطة القضاء بالأندلس فهي أعظم الخطط عند الخاصة والعامة، لتعلقها بأمور الدين، وكون السلطان لو توجه عليه حكم حضر بين يدي القاضي، هذا وصفها في زمان بني أمية ومن سلك مسلكهم، ولا سبيل أن يتسم بهذه السمة إلا من هو وال للحكم الشرعي في مدينة جليلة، وإن كانت صغيرة، فلا يطلق على حاكمها إلا مسدد خاصة، وقاضي القضاة يقال له قاضي القضاة وقاضي الجماعة.

وأما خطة الشرطة بالأندلس فإنها مضبوطة إلى الآن، معروفة بهذه السمة، ويعرف صاحبها في ألسن العامة بصاحب المدينة، وصاحب الليل، وإذا كان عظيم القدر عند السلطان، كان له القتل لمن وجب عليه دون استئذان السلطان، وذلك قليل، ولا يكون إلا في حضرة السلطان الأعظم. وهو الذي يحد على الزنا وشرب الخمر، وكثير من الأمور الشرعية راجع إليه، قد صارت تلك عادة تقرر عليها رضا القاضي، وكانت خطة القاضي أوقر وأتقى عندهم من ذلك.

Unknown page