Hulal Sundusiyya

Shakib Arslan d. 1368 AH
153

Hulal Sundusiyya

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

Genres

وقال بعض العلماء ما معناه إن النصارى أعطوا عن الآخرة بستانا متصلا من البحر المحيط بالأندلس إلى خليج القسطنطينية وعندهم عموم الشاه بلوط، والبندق، والجوز، والفستق، وغير ذلك مما يكون أكثر وأمكن في الأقاليم الباردة، والتمر عندهم معدوم، وكذا الموز وقصب السكر، وربما يكون شيء من ذلك في الساحل، لأن هواء البحر يدفئ. ا.ه.

قال ابن حيان في المقتبس: ذكر رواة العجم أن الخضر عليه السلام وقف على أشبان المذكور وهو يحرث الأرض بفدن له أيام حراثته: فقال له: يا أشبان إنك لذو شأن، وسوف يحظيك زمان، ويعليك سلطان. فإذا أتت غلبت على إيليا، فارفق بذرية الأنبياء. فقال له أشبان: أساخر بي رحمك الله؟ أنى يكون هذا مني وأنا ضعيف ممتهين حقير فقير؟ ليس مثلي ينال السلطان! فقال له: قد قدر ذلك فيك من قدر في عصاك اليابسة ما تراه فنظر أشبان إلى عصاه فإذا بها قد أورقت فريع لما رأى من الآية، وذهب الخضر عنه، وقد وقع الكلام بخلده، ووفرت في نفسه الثقة بكونه، فترك الامتهان من وقته، وداخل الناس، وصحب أهل البأس منهم، وسما به جده، فارتقى في طلب السلطان حتى أدرك منه عظيما، وكان منه ما كان، ثم أتى عليه ما أتى على القرون قبله. وكان ملكه كله عشرين سنة.

وتمادى ملك الأشبانيين بعده إلى أن ملك منهم الأندلس خمسة وخمسون ملكا.

ثم دخل هؤلاء الاشبانيين من عجم رومة أمة يدعون البشتولقات وملكهم طلويش بن بيطه، وذلك زمن بعث المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، أتوا الأندلس من قبل رومة، وكانوا يملكون أفرنجة معها، ويبعثون عمالهم إليها، فاتخذوا دار مملكتهم بالأندلس مدينة ماردة،

506

واستولوا على مملكة الأندلس، واتصل ملكهم بها مدة، إلى أن ملك منهم سبعة وعشرون ملكا، ثم دخل على هؤلاء البشتولقات أمة القوط، مع ملك لهم، فغلبوا على الأندلس، واقتطعوها من يومئذ من صاحب رومة، وتفردوا بسلطانهم، واتخذوا مدينة طليطلة دار مملكتهم وأقروا بها سرير ملكهم، فبقي بأشبيلية علم الأشبانيين، ورياسة أوليتهم (وقد كان عيسى المسيح عليه السلام) بعث الحواريين في الأرض يدعون الخلق إلى ديانته، فاختلف الناس عليهم، وقتلوا بعضهم واستجاب لهم كثير منهم. وكان من أسرعهم إجابة لمن جاءه من هؤلاء الحواريين خشندش ملك القوط، فتنصر، ودعا قومه إلى النصرانية وكان من صميم أعاظمهم، وخير من تنصر من ملوكهم، وأجمعوا على أنه لم يكن فيهم أعدل منه حكما، ولا أرشد رأيا، ولا أحسن سيرة، ولا أجود تدبيرا، فكان الذي أصل النصرانية في مملكته، ومضى أهلها على سنته إلى اليوم، وحكموا بها، والإنجيلات في المصاحف الأربعة التي يختلفون فيها من انتساخه، وجمعه، وتثقيفه. فتناسقت ملوك القوط بالأندلس بعده، إلى أن غلبتهم العرب عليها، وأظهر الله تعالى دين الإسلام على جميع الأديان.

فوقع في تواريخ العجم القديمة أن عدة ملوك هؤلاء القوط بالأندلس، من عهد «أتانا وينوس»

507

الذي ملك في السنة الخامسة من مملكة «فلبش

508

Unknown page