وأما طيئ: فإنه فيعل من طاء يطوء، إذا ذهب وجاء، وأصله: طيو، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، كما فعل بسيد وميت فإذا نسبت إليه قلت: طائي، وأصله: طيئي، على مثال: طيعي، فحذف أحد اليائين تخفيفًا، وأبدلت الثانية ألفا استحسانًا، لا وجوبًا عن علة، كما قالوا في النسبة إلى الحيرة: حاري.
ومعنى هد: هدم وأذهب، والصعيد: وجه الأرض، والصعيد أيضًا: القبر.
والصدى: طائر، وكانت العرب تزعم أنه يتخلق من الميت المقتول، ويقول: اسقوني!، حتى يقتل قاتله، ولذلك قال: صاديًا، أي عطشان - هذا هو المشهور عند العرب من امر الصدى وصياحه.
واستعمله طرفة بن العبد على معنى آخر، فقال:
كريم يُرَوِّي نفسه في حياته ... ستعلم إن متْنَا صَدَى أَيِّنَا الصَّدِيّ؟!
يقول لعاذليه عن الاستهتار بشرب الخمر: أنا أروي صداي في حياتي فلا يحتاج أن يصيح بعد موتي: اسقوني، اسقوني!، وأنت لا تروي صداك، فتعلم إن متنا غدًا: صدى من يصيح؛ أصداي، أم صادك؟! والصدي: مرفوع بالابتداء، وأينا مخفوض باضافة صدى إليه كما تقول: ابن أي القوم أنت؟.
وقد أولع الناس بتنوين صدى، ورفع أينا، وهو خطأ لا وجه له. والعصرة: الملجأ، والمنجود المكروب.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
يا ابْنَ أُمِّي لو شهدتُّك إِذْ تَدْ ... عُو تَميمًا وأَنْتَ غَيْر مُجَابِ
هذا البيت: لمعد يكرب، المعروف بغلفاء، يرثي أخاه شرحبيل ابن الحارث، وكان قتل يوم الكلاب، وكان في ذلك اليوم رئيس بكر وذكر ابن النحاس أنه لمهلهل، وهذا غلط!.
ومعد يكرب: اسم مرتجل ومعناه: عداك الكرب، كذا قال أبو العباس: ثعلب.
وقال بعض اللغويين؛ معنى شرحبيل؛ وشراحيل: وديعة الله. وغلفاء: منقول؛ لأنه تأنيث الأغلف، وكذلك الحارث؛ لأنه صفة مشتقة من حرث يحرث، وهذا البيت من جملة أبيات أنشدها أبو عبيدة وهي:
إنّ جَنْبِي عنْ الفراشِ لَنَابٍ ... كتجافي الأسرّ فوق الظراب
من حديث نمَىَ إليّ فَلاَ تَرْ ... قَأُعَيْني وَلاَ أُسِيغ شَرَابِي
مُرَّة كالزُّعاف أكْتُمُها النَّا ... سَ عَلَى حَرْمَلَة كالشِّهابِ
من شُرحَبْيل إذ تعاورُهُ اْلأرْ ... ماحُ في حَالِ صْبوَةٍ وشبَاب
يا ابن أُمِّي وَلوْ شَهدْتُك إِذ تَدْ ... عُو تِمَمًا وأنت غَيْر مُجابِ
ثم طاعَنْتُ مِنْ وَرَائكَ حَتَّى ... أدْفعَ القَوْمَ أو تُبَزَّ ثيابي
وأنشد أبو القاسم في باب: ما لا يقع إلا في باب النداء خاصة، ولا يستعمل في غيره:
وَقَدْ رَابَنِي قَوْلُهَا: ياَ هَنَاهُ ... ويْحُكَ الحَقْتَ شَرًّا بِشَرّ!
هذا البيت: يروى لامرئ القيس بن حجر، وكان الأصمعي يروي هذا الشعر لرجل من النمر بن قاسط، يقال له ربيعة بن جشم ومعنى رابني: شككني، ومعنى ياهناه: يا رجل، وهي كلمة تقال لمن يستحقر.
ومعنى ألحقت شرًا بشر: أي كنت عند الناس متهمًا بأمرك، وقد زدت الآن بإقبالك إلى تهمةً على تهمةٍ! وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَنًا عَنْ فُل
هذا البيت: لأبي النجم، واسمه: الفضل بن قدامة - وقبله:
تُثير أَيديها عَجَاجَ القَسْطَلِ
إذ عَصَبَتْ بالعَطَن المغَرْبَلِ
تدافع الشِّيْب ولم تُقَتِل
في لُجَّةٍ: أَمْسِكُ فُلاَنًا عن فُلِ
وصف إبلا، يقول: أقبلت وأيديها تثير العجاج - وهو الغبار - لكثرتها، والقسطل: الغبار، والشيب: الشيوخ، جمع أشيب.
ومعنى ولم تقتل: أي تتزاحم، ولا تتقاتل، فشبه تزاحمها ومدافعتها بعضها بعضًا بقوم شيوخ في لجة، يدفع بعضهم في بعض، فيقال: أمسك فلانا عن فل، واللجة: اختلاط الأصوات، والمعنى: في لجة يقال فيها، فأضمر القول، كما قال ﷿: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم "، أي يقولون: سلام عليكم.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
أَطَوَّفُ ما أُطَوِّفُ ثم آوِي ... إليَ بَيْتٍ قَعيدَتُهُ لكَاَعِ
هذا البيت: للحطيئة، واسمه: جرول بن أوس، ويكنى: أبا مليكة، يهجو به امرأته.
1 / 38