17

Hukm al-Samaa

حكم السماع

Investigator

حماد سلامة

Publisher

مكتبة المنيار

Edition Number

الأولى

Publication Year

1408 AH

Publisher Location

الأردن

بسر كان الله أمر نبيه أن يكتمه، فقال لهم: من أين لكم هذا؟ قالوا: الله علمنا إِيَّاه، فقال: يا رب! ألم تأمرني ألا أفشيه؟ فقال: أمرتك أنت ألا تفشيه، ولكني أنا أخبرتهم به)) (١) ونحو هذه الأحاديث التي يرويها طوائف منتسبون إلى الدين، مع فرط جهلهم بدين الإِسلام، فيبنون عليها من النفاق والبدع ما يناسبها. تارة يسقطون التوسط بالرسول وأنهم يصلون إلى الله تعالى من غير طريق الرسل مطلقاً. فهذا أعظم من كفر اليهود والنصارى: فإن أولئك أسقطوا وساطة رسول واحد، ولم يسقطوا وساطة الرسل مطلقاً.

وهؤلاء إذا أسقطوا وساطة الرسل مطلقاً عن أنفسهم، كان هذا أغلظ من كفر أولئك: لكنهم يقولون: لا تسقط الوساطة إلا عن الخاصة، لا عن العامة، فيكونون أكفر من أهل الكتاب من جهة إسقاط السفارة مطلقاً، بل أهل الكتاب الذين يقولون إنه رسول إلى الأميين دون أهل الكتاب خير من هؤلاء. فإن أولئك أخرجوا عن رسالته من له كتاب. وهؤلاء يخرجون عن رسالته من لا يبقى معه إلا خيالات ووساوس وظنون ألقاها إليه الشيطان، مع ظنه أنه من خواص أولياء الله وهو من أشد أعداء الله، وتارة يجعلون هذه الآثار المختلفة حجة فيما يفترونه من أمور تخالف دين الإِسلام، ويَدَّعون أنها من أسرار الخواص، كما يفعل الملاحدة والقرامطة والباطنية، وتارة يجعلونها حُجَّةً في الإِعراضِ عن كتاب الله وسنة نبيه إلى ما ابتدعوه من اتخاذ دينهم لهواً ولعباً.

[صور الاستماع الممنوعة والمشروعة]

وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإِسلام: أنّ النبي ﷺ لم يشرع لصالحي أمته وعُبَّادِهِم وزُهَّادِهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة. مع

(١) انظر الكلام على هذا الحديث في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ج ١١ ص ٥٤ حيث قال عن الحديث: ((كذب واضح)) فإن أهل الصفة، لم يكونوا إلا بالمدينة ولم يكن بمكة أهل صفة، والمعراج إنما كان من مكة كما قال سبحانه وتعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) ولم اعثر على الحديث فيما بين يدي من مصادر بعد البحث.

17