37

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Investigator

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

إِلَى مُوَافقَة قومه فِي اللبَاس والزي، فَلَو خلى وَنَفسه، وتبدل زيه لم يجد فِي قلبه بَأْسا، وَرب إِنْسَان يحب الزي بِالذَّاتِ، فَلَو خلى وَنَفسه لما سمح بِتَرْكِهِ. وَإِن من الْإِنْسَان الْيَقظَان بالطبع يتفطن بِالْأَمر الْجَامِع بَين الكثرات، ويمسك قلبه بِالْعِلَّةِ دون المعلولات والملكة دون الأفاعيل، وَمِنْه الْوَسْنَان بالطبع يبْقى مَشْغُولًا بِالْكَثْرَةِ عَن الْوحدَة، وبالافاعيل عَن الملكات، وبالاشباح عَن الْأَرْوَاح. وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان إِذا مَاتَ انْفَسَخ جسده الأرضي، وَبقيت نَفسه النطقية مُتَعَلقَة بالنسمة متفرغة إِلَى مَا عِنْدهَا، وطرحت عَنْهَا مَا كَانَ لضَرُورَة الْحَيَاة الدُّنْيَا من غير دَاعِيَة قلبية، وَبَقِي فِيهَا مَا كَانَت تمسكه فِي جدر جوهرها، وَحِينَئِذٍ تبرز الملكية، وتضعف البهيمية، ويترشح عَلَيْهَا من فَوْقهَا يَقِين بحظيرة الْقُدس وَبِمَا أحصى عَلَيْهَا هُنَالك، وَحِينَئِذٍ تتألم الملكية، أَو تتنعم. وَاعْلَم أَن الملكية عِنْد غوصها فِي البهيمية وامتزاجها بهَا لَا بُد أَن تذعن لَهَا إذعانا مَا، وتتأثر مِنْهَا أثرا مَا، لَكِن الضار كل الضَّرَر أَن تتشبح فِيهَا هيئات منافرة فِي الْغَايَة، والنافع كل النَّفْع أَن تتشبح فِيهَا هيآت مُنَاسبَة فِي الْغَايَة؛ فَمن المنافرات أَن يكون قوى التَّعَلُّق بِالْمَالِ والأهل لَا يستيقن أَن وراءهما مَطْلُوبا، قوى الْإِمْسَاك للهيئات الدنية فِي جذر جوهرها، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يجمعه أَنه على الطّرف الْمُقَابل للسماحة، وَأَن يكون متلبسا بالنجاسات متكبرا على الله لم يعرفهُ وَلم يخضع لَهُ يَوْمًا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يجمعه أَنه على الطّرف الْمُقَابل للإحسان، وَأَن يكون نَاقض توجه حَظِيرَة الْقُدس فِي نصر الْحق، وتنويه أمره، وبعثة الْأَنْبِيَاء، وَإِقَامَة النظام المرضى، فأصيب مِنْهُم بالبغضاء واللعن، وَمن المناسبات مُبَاشرَة أَعمال تحاكي الطَّهَارَة والخضوع للبارئ، وتذكر حَال الْمَلَائِكَة وعقائد تنزعها من الاطمئنان بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَن يكون سَمحا سهلا، وَأَن يعْطف عَلَيْهِ أدعيه الْمَلأ الْأَعْلَى وتوجهاتهم للنظام المرضى وَالله أعلم.

1 / 76