Hujjat Allah Baligha
حجة الله البالغة
Investigator
السيد سابق
Publisher
دار الجيل
Edition Number
الأولى
Publication Year
سنة الطبع
Publisher Location
بيروت - لبنان
وَقد بَين النَّبِي ﷺ خَواص كثير من الْأَشْيَاء، وأضاف الْآثَار إِلَيْهَا كَقَوْلِه ﷺ:
" التلبينة مجمة لفؤاد الْمَرِيض ". وَقَوله فِي الْحبَّة السَّوْدَاء:
" شِفَاء من كل دَاء إِلَى السام " وَقَوله فِي أَبْوَال الْإِبِل وَأَلْبَانهَا:
" شِفَاء للذربة بطونهم " وَقَوله فِي الشبرم:
" حَار جَار ".
وَالثَّالِثَة تَدْبِير عَالم المواليد ومرجعه إِلَى تصيير حوادثها مُوَافقَة للنظام الَّذِي ترتضيه حكمته مفضية إِلَى الْمصلحَة الَّتِي اقتضاها وجوده كَمَا أنزل من السَّحَاب مَطَرا، وَأخرج بِهِ نَبَات الأَرْض ليَأْكُل مِنْهُ النَّاس والأنعام، فَيكون سَببا لحياتهم إِلَى أجل مَعْلُوم. وكما أَن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ ألقِي فِي النَّار
فَجَعلهَا الله بردا وَسلَامًا؛ ليبقى حَيا، وكما أَن أَيُّوب ﵇ كَانَ اجْتمع فِي بدنه مَادَّة الْمَرَض، فَأَنْشَأَ الله تَعَالَى عينا فِيهَا شِفَاء مَرضه. وكما أَن الله تَعَالَى نظر إِلَى أهل الأَرْض فمقتهم عربهم وعجمهم، فَأوحى إِلَى نبيه ﷺ أَن ينذرهم ويجاهدم؛ ليخرج من شَاءَ من الظُّلُمَات إِلَى النُّور.
وتفصيل ذَلِك أَن القوى المودعة فِي المواليد الَّتِي لَا تنفك عَنْهَا لما تزاحمت وتصادمت أوجبت حِكْمَة الله حُدُوث أطوار مُخْتَلفَة بَعْضهَا جَوَاهِر وَبَعضهَا أَعْرَاض والأعراض إِمَّا أَفعَال أَو إرادات من ذَوَات الْأَنْفس أَو غَيرهَا، وَتلك الأطوار لَا شَرّ فِيهَا بِمَعْنى عدم صُدُور مَا يَقْتَضِيهِ سَببه أَو صُدُور ضد مَا يَقْتَضِيهِ، وَالشَّيْء الَّذِي اعْتبر بِسَبَبِهِ الْمُقْتَضى لوُجُوده كَانَ حسنا لَا محَالة كالقطع حسن من حَيْثُ أَنه يَقْتَضِيهِ جَوْهَر الْحَدِيد وَإِن كَانَ قبيحا من حَيْثُ فَوت بنية إِنْسَان، لَكِن فِيهَا شَرّ بِمَعْنى حُدُوث شَيْء غَيره أوفق بِالْمَصْلَحَةِ مِنْهُ بِاعْتِبَار الْآثَار أَو عدم حُدُوث شَيْء آثاره محمودة، وَإِذا تهيأت أَسبَاب هَذَا الشَّرّ اقْتَضَت رَحْمَة الله بعباده ولطفه بهم وَعُمُوم قدرته على الْكل وشمول علمه بِالْكُلِّ أَن يتَصَرَّف فِي تِلْكَ القوى والأمور الحاملة لَهَا بِالْقَبْضِ والبسط والإحالة والإلهام، حَتَّى تفضى تِلْكَ الْجُمْلَة إِلَى الْأَمر الْمَطْلُوب
1 / 42