134

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Investigator

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

فَيجْعَل ركنا، وَيُؤمر بِهِ كالقومة بَين الرُّكُوع وَالسُّجُود بهَا يحصل الْفرق بَين الإنحناء الَّذِي هُوَ مُقَدّمَة السُّجُود، وَبَين الرُّكُوع الَّذِي هُوَ تَعْظِيم بِرَأْسِهِ، وكالإيجاب وَالْقَبُول وَالشُّهُود وَحُضُور الْوَلِيّ ورضا الْمَرْأَة فِي النِّكَاح، فَإِن التميز بَين السفاح وَالنِّكَاح لَا يحصل إِلَّا بذلك، وَيُمكن أَن يخرج بعض الْأَركان على الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وعَلى مَا ذكرنَا فِي الرُّكْن يَنْبَغِي أَن يُقَاس حَال الشَّرْط، فَرُبمَا يكون الشَّيْء وَاجِبا بِسَبَب من الْأَسْبَاب، فَيجْعَل شرطا لبَعض شَعَائِر الدّين تنويها بِهِ، وَلَا يكون ذَلِك حَتَّى تكون تِلْكَ الطَّاعَة كَامِلَة بانضمامه كاستقبال الْقبْلَة لما كَانَت الْكَعْبَة من شَعَائِر الله وَجب تعظيمها، وَكَانَ من أعظم التَّعْظِيم أَن تسْتَقْبل فِي أحسن حالاتهم، وَكَانَ الِاسْتِقْبَال إِلَى جِهَة خَاصَّة هُنَالك بعض شَعَائِر الله، مِنْهَا للْمُصَلِّي على صِفَات الأخبات والخضوع، مذكرا لَهُ هَيْئَة قيام العبيد بَين أَيدي سادتهم جعل اسْتِقْبَال الْقبْلَة شرطا فِي الصَّلَاة. وَرُبمَا يكون الشَّيْء لَا يُفِيد فَائِدَة بِدُونِ هَيْئَة، فَيشْتَرط لصِحَّته كالنية، فَإِن الْأَعْمَال إِنَّمَا تُؤثر لكَونهَا أشباح هيآت نفسانية، وَالصَّلَاة شبح الاخبات، وَلَا إخبات بِدُونِ النِّيَّة، وكاستقبال الْقبْلَة أَيْضا على تَخْرِيج آخر، فَإِن تَوْجِيه الْقلب لما كَانَ خفِيا نصب تَوْجِيه الْوَجْه إِلَى الْكَعْبَة الَّتِي من شَعَائِر الله مقَامه، وكالوضوء وَستر الْعَوْرَة وهجر الرجز، فَإِنَّهُ لما كَانَ التَّعْظِيم أمرا خفِيا نصبت الهيآت الَّتِي يُؤَاخذ الْإِنْسَان بهَا نَفسه عِنْد الْمُلُوك وأشباههم، ويعدونها تَعْظِيمًا، وَصَارَ ذَلِك كامنا فِي قُلُوبهم، وَأجْمع عَلَيْهِ عربهم وعجمهم مقَامه. وَإِذا عين شَيْء من الطَّاعَات للفرضية فَلَا بُد من مُلَاحظَة أصُول: مِنْهَا أَلا يُكَلف إِلَّا بالميسر، وَذَلِكَ قَوْله ﷺ " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة " وَتَفْسِيره مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة كَمَا فرضت عَلَيْهِم الْوضُوء ". وَمِنْهَا أَن الْأمة إِذا اعتقدت فِي مِقْدَار أَن تَركه وإهماله تَفْرِيط فِي جنب الله، واطمأنت بِهِ نُفُوسهم إِمَّا لكَونه مأثورا عَن الْأَنْبِيَاء مجمعا عَلَيْهِ من السّلف أَو نَحْو ذَلِك - كَانَت الْحِكْمَة أَن يكْتب ذَلِك الْمِقْدَار عَلَيْهِم كَمَا استوجبوه، كتحريم لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا على بني إِسْرَائِيل وَهُوَ قَوْله ﷺ فِي قيام ليَالِي رَمَضَان حَتَّى: " خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم ". وَمِنْهَا إِلَّا يسجل على التَّكْلِيف بِشَيْء حَتَّى يكون ظَاهرا منضبطا لَا يخفى عَلَيْهِم، فَلذَلِك لَا يَجْعَل من أَرْكَان الْإِسْلَام الْحيَاء وَسَائِر الْأَخْلَاق، وَأَن كَانَت من شُعْبَة.

1 / 173