<53> قال الحبر، أترى أن اللغات قديمة لا أول لها؟
<54> قال الخزري، بل حديثة مصطلحة عليها، يدل على ذلك تأليفها من الأسماء والأفعال والحروف، وهذه من الشبهات المأخوذة من مخارج النطق.
<55> فال الحبر، هل رأيت مخترع لغة أو سمعت عليه.
<56> قال الخزري، لم أر ولا سمعت، فلا شك أنها حصلت في عصر من الأعصار، ولم يكن قبل لغة مصطلحا عليها من اصطلاح قوم دون قوم على لغة.
<57> قال الحبر، أسمعت عن أمة تخالف في السبوع المعلوم ابتداءه من الأحد وتمامه في السبت، فهل يمكن أن يتفق في ذلك أهل الصين مع أهل الجزائر المغربية دون ابتداء واجتماع واصطلاح.
<58> قال الخزري، لا يمكن ذلك إلا باصطلاح من الجملة. وهذا بعيد أو أن يكون الناس كلهم بني آدم أو بني نوح أو غيرهما فيكون الأسبوع منقولا عندهم عن والدهم.
<59> قال الحبر، هذا أردت، نعم وعدد العشرة اتفاق الناس عليه في المشارق والمغارب، أي طبع يقود إلى وقوف عند العشرة، إلا لأنه محمول عن مبتدئ به.
<60> قال الخزري، كيف لا يخل بإيمانك هذا ما يخبر عن أهل الهند أن عندهم أثارا ومباني يحققون أن لها ألف ألف من السنين.
<61> قال الحبر، كان يخل بإيماني لو وجد اعتقاد مضبوط، أو كتاب أجمع عليه جمهور دون خلاف بتاريخ، ولن يوجد ذلك، وإنما هم أمة سائبة ولا تحقيق عندهم، فيغايظون أهل الأديان بمثل هذا الكلام، كما يغايظونهم بأوثانهم وطلاسمهم وحيلهم ويقولون إنها تنفعهم، ويستهزؤون بمن يقول إن عنده كتابا من عند الله، وضع مع هذا كتب قليلة ألفها أفراد من الناس يغتر بها الضعيف الرأي، كبعض كتب المنجمين يضعون فيها تواريخ عشرات آلاف من السنين، مثل كتاب الفلاحة النبطية يسمى فيها ينبوشاد، وصغريت، ودواني، يزعم أنهم كانوا قبل آدم، وأن ينبوشاد منهم هو معلم آدم، وما أشبه هذا.
<62> قال الخزري، هب أني حاججتك بعامة دهما وبقوم لا تجمع لهم كلمة فأصبت الجواب. فما ذا تقول في الفلاسفة وهم من البحث والتحرير حيث هم، وأجمعوا على الأزلية والقدم للعالم، وليس هذا عشرات آلاف ولا آلاف آلاف إلا ما لا نهاية له.
Unknown page