- حدُّ المضارع١: ما كانُ في أولهِ إحدى الزوائدِ الأربعِ٢، يجمعُها قولُك: "أنيت"٣.
_________
١ في ب وج "حد الفعل المضارع"، والمضارع يقال له: "المبهم"، ومعنى المضارع المشابه، يقال: "ضارعته وشابهته وشاكلته وحاكيته": إذا صرت مثله. وأصل المضارعة: تقابل السخلين على ضرع الشاة عند الرضاع. يقال: تضارع السخلان: إذا أخذ كل واحد بحلمة من الضرع، ثم اتسع. فقيل لكل مشتبهين متضارعان. والمراد أنه ضارع الأسماء أي شابهها بما في أوله من الزوائد الأربع وهي: الهمزة والنون والتاء والياء.
ومن أوجه الشبه أيضا أنه يجري على حركات اسم الفاعل وسكناته. فيضرب على وزن ضارب. ومنها اتصال الواو والنون به، فيضربون كـ"ضاربون" لفظا، وإن اختلف معنى الواو فيهما. ومنها مشاركته الاسم في دخول لام التوكيد عليه في خبر إن، وامتناع دخولها على الماضي فيه. وقيل سمي مضارعا لضعفه عن رتبة الاسم في الإعراب، أخذ من قولهم: "رجل ضرع" أي ضعيف، والأول أظهر. انظر شرح عيون الإعراب: للمجاشعي ص٥٥، وشرح المفصل لابن يعيش ٧: ٦، وشرح ألفية ابن معط ١: ٢٤١، ٣١٢.
٢ هذه الزوائد الأربع هي: ألف المتكلم في مثل "أقوم". ونون المتكلم إذا كان معه غيره مثل ننطلق. وتاء المخاطبة والأنثى الغائبة نحو تقوم أنت، وتذهب هند. وباء الغائب نجو: زيد يكرم ويحسن (التبصرة والتذكرة ١: ٩٠، وشرح ملحة الإعراب: للحريري ص٧٣: ٧٥) .
٣ في شرح التحفة الوردية ص ١٢١: "والذي يحسن فيه لم هو المضارع. نحو: أدري - تقول فيه: لم أدرِ". وانظر اللمع ص ٩١. وخُصت الزيادة بهذه الحروف دون غيرها، لأن أول ما زيد حروف المد واللين، لامتناع خلو الكلام عنها وعن أبعاضها التي هي الحركات فهي أمهات الحركات ولا تخلو كلمة منها أو من أبعاضها لأن الألف تتعذرُ زيادتها أولًا لسكونها والساكنُ لا يُبتدأ به. فعدل عنها إلى الهمزة، لأنها من مخرجها، ولأنها أقربُ الحروفِ إليها ولأنها تبدلُ من الألفِ، وتبدل الألف منها. والواو لو زيدت أولًا لأدى إلى اجتماع ثلاث واوات عند دخولِ حرف العطف على فعل فاؤه واو، وهو مستهجن، فأبدل منها التاء. كما أُبدلت من "تجاه" وأما الياءُ فزيدتْ لعدم المانعِ من الزيادةِ، ولأنهم جعلوها الياء، وأما النونُ فزيادتُها لأنها أشبهتْ حروفَ المدِّ واللِّينِ من وجوهٍ: أحدها: أن فيها غُنَّةٍ كالمدِّ. وثانيها: أنها تكونُ علامةً للرفعِ في الأفعالِ الخمسةِ، كما أنَّ الألفَ والواوَ علامةُ الرفعِ في التثنيةِ والجمعِ. وثالثها: أن النونَ تكونُ ضميرًا لجمعِ المؤنثِ، كما أنَّ الواوَ ضميرٌ لجمعِ المذكرِ، وجُعلتِ الهمزةُ للمتكلِّمِ، لأنَّه أولُ والهمزةُ أولُ المخارجِ، والنونُ للجمعِ، والواحدِ المعظَّمِ القائمِ مقامَ الجمعِ، لأنها تكون للجماعةِ في نحو " فَعَلْنَ ". ولمشابهتِها الواوَ التي هي ضميرُ الجمعِ، والتاءُ للمخاطبِ مطلقًا، نحو: " أنتَ قُمْتَ "، وللغائبةِ نحو: " هندٌ قامتْ "، والغائبتين نحو: " الهندانِ قامتا "، والياءُ للغائبِ وللغائبين، لأنها لخفائِها تناسبُ حالَ الغائبِ، وقيلَ إنَّها اختصتْ بهذهِ الحروفِ لأنها أبعاض الضمائر الموضوعةِ، كما دلَّتْ عليه هذه الحروف. فالهمزةُ مأخوذةٌ من أنا، والنونُ من نحن، والتاءُ من أنت، والياءُ من هي. ولم تؤخذِ الواوُ من هو، وإن كانَ الأصلُ لكونهِ مذكرًا للمانعِ المذكورِ انظر: (شرح عيون الإعراب: للمجاشعيِّ ص ٥٤ - ٥٥، وشرح ألفية ابن معطٍ ١: ٣١٣) .
1 / 442