فقال عشماوي: وأنا كنت مسجونا سياسيا مرة.
فقال عبده: مرة! ثم عشرات المرات لا علاقة لها بالسياسة! - إن أردت الحق، فالمخدرات كالسياسة لا تمس الشرف! - فلنسلم بذلك، والضرب والاعتداء؟
فقال بفخار: فتونة ومجدعة!
فهتف ضاحكا: عليك اللعنة!
فقال عشماوي، وهو يضرب كفا على كف: ماذا جرى للدنيا؟! نسوان عرايا في الشوارع، مساجين موظفون، ويهود غزاة!
ورجعوا إلى الصمت وسماع الأناشيد.
37
كانت عليات تعمل بالوزارة عندما زارتها - بلا سابق معرفة - إحدى العاملات في محل سمراء وجدي. أخبرتها أنها تعبت كثيرا قبل أن تعثر على مكانها، ودعتها إلى مقابلة سمراء في محلها بشارع شريف. انقبض قلب عليات. إنها لا تنسى فضل سمراء. وسبق أن زارتها في المحل للشكر. ولاحظت أنها راغبة في توثيق علاقتها بها بحرارة غير عادية، وبأسلوب أثار في نفسها الريب. لذلك لم تفكر في زيارتها مرة أخرى. وانقبض قلبها إزاء دعوتها الجديدة، إنها حزمة من المتناقضات، فهي نبيلة المظهر مترفعة عن المال، ولكنها ذات خبرة فاجرة وعلاقة حميمة بذلك الدكتور التي تشبه عيادته مشرحة الجثث. ومضت ذاك المساء إلى حسني حجازي، وقصت عليه قصة الدعوة وجملة وساوسها. وارتبك الرجل بادئ الأمر، ثم قال لها ببساطته المخيفة أحيانا: سمراء مغرمة بك!
ليس من الممكن أن تحمل قوله على محمل آخر، رغم قابليته لأكثر من معنى فارتاعت حقا، ولكنها تغابت وسألته: ماذا تعني؟ - أنت تفهمين تماما ما أعنيه.
فقطبت وزمت شفتيها، فسألها برقة: ألم تكن لك تجربة في ذلك؟
Unknown page