هذه مفاهيمنا
هذه مفاهيمنا
Publisher
إدارة المساجد والمشاريع الخيرية الرياض
Edition Number
الثانية ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠١م
Genres
وهم مشركون به في اتخاذ الأصنام وسائط، واتخاذ الأرواح التي صورت على أجسام أصحابها الأصنام سببًا لتحصيل مقصودهم فيما يزعمون.
أفلا ترى إلى أنهم إذا أيقنوا بالهلاك في البحر أخلصوا الدعاء لله، فلم يتخذوا وسيلة إليه من المخلوقين كما يفعلونه في الرخاء؟ فعلم من ضد أحوالهم وبنصّ القرآن أن أولئك المشركين ما كانوا يعتقدون الاستقلالية، بل كانوا يعتقدون التسبب بما لم يجعله الله سببًا ولم يأذن به، فلم لم يحتج لهم بالمجاز العقلي؟ ! ولم كفروا بقولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، وهم إنما جعلوهم سببًا لتقريبهم إلى الله زلفى؟ !
الثاني: أن تخريج أقوال عباد القبور -المستغيثين بالموتى، الداعين إياهم ليشفعوا لهم عند ربهم، المحبين أصحابها أعظم من محبتهم لله- على المجاز العقلي منكر كبير، وخطأ عظيم مخالف لحقيقة حالهم؛ ذلك أن كثيرًا يعكفون على قبور الميتين ويعتقدون أن لصاحب القبر تصرفًا في الكون، وأنه يفعل ما شاء مطلق التصرف١ بإعطاء الله له، وهذا كفر أعظم من كفر اعتقاد التسبب، وهذا لم يخطر على أذهان الجاهلين من العرب، ولذا تجد هؤلاء المشركين المعاصرين ينادون معبودهم، ويستتغيثون به ولو كانوا بعيدين عنه بعدًا كبيرًا، لاعتقادهم بأن له قوة أكبر من قوتهم البشرية، أعطاه الله إياها، وفوض له إصلاح شؤون طائفة من الخلق، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
١ ونقل موسى محمد علي في كتابه " التوسل والوسيلة " ص ٢٢٩ عن محمد عبد الله الشكاز قوله الآتي مستحسنًا له مستسهدًا به، فال: " الرجال أربعة: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، وهم رجال الظاهر شهداء الجهاد البواسل، و﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾، وهم رجال الباطن، جلساء الحق تعالى ولهم المشورة. . . ثم قال: فرجال الظاهر هم الذين لهم التصرف في عالم الملك والشهادة" اهـ.
1 / 128