How to Love God and Long for Him
كيف نحب الله ونشتاق إليه
Publisher
مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
Publisher Location
القاهرة
Genres
﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] فإذا بهم يفاجئون بنداء يقول لهم: بل هذا حقكم وجزاء أعمالكم ﴿وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣].
كرم عجيب
تأمل معي أخي القارئ هذا الحديث الشريف الذي يخبرنا عن حوار دار بين آخر رجل يدخل الجنة، وبين الله ﷿، فعن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة. رجل يخرج من النار حبوًا، فيقول الله ﷿ له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى! فيقول الله ﷿ له: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو أن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي، أو تضحك بي وأنت الملك» قال: فلقد رأيت رسول الله ﷺ ضحك حتى بدت نواجذه، فكان يقول: «ذلك أدنى أهل الجنة منزلة». (١)
وفي نهاية الحديث عن مظاهر الكرم الإلهي أتركك- أخي- تتأمل قول رسول الله ﷺ: «إن الله رحيم، حيٌّ، كريم، يستحي من عبده أن يرفع يديه ثم لا يضع فيهما خيرًا» (٢).
* * *
سادسًا: من مظاهر حب الله لك:
رحمته ورأفته بك وشفقته وحنانه عليك
في يوم من الأيام وبينما كان رسول الله ﷺ بين صحابته إذ جاءه سَبْي،
وفي هذا السَبْي امرأة تسعى ملهوفة مضطربة- فقد ضاع منها صبيها- واستمرت على ذلك الحال الشديد حتى وجدته، فأخذته وضمته إلى صدرها بشدة، ثم أرضعته.
منظر مؤثر دفع رسول الله ﷺ لأن يعلق عليه ويقول لأصحابه: «أترون هذه طارحة ولدها في النار»؟! قالوا: لا والله. قال «الله أرحم بعباده من هذه على ولدها». (٣)
وفي بعض مغازيه ﷺ وبينما كان يسير مع أصحابه، إذ أخذ بعضهم فرخ طير، فأقبل أحد أبويه حتى سقط في أيدي الذي أخذه، فقال رسول الله ﷺ: «ألا تعجبون لهذا الطير أُخذ فرخه فأقبل حتى سقط في أيديهم، والله لله أرحم بخلقه من هذا الطير بفرخه». (٤)
نعم، أخي القارئ، الله ﷿ أرحم بنا من أمهاتنا، ومن آبائنا، وأبنائنا وأزواجنا. يقول عبد الله بن مسعود: لله أرحم بعبده يوم يأتيه، أو يوم يلقاه، من أم واحد فرشت له بأرض قرّ، ثم قالت (نامت) فلمست فراشه بيدها، فإن كان به شوكة كانت قبله، وإن كانت لدغة كانت بها قبله. (٥)
لا وجه للمقارنة
فإن قلت إن والديَّ لا يفتآن يدعوان لي بالصلاح والفلاح حرصًا منهما عليَّ وعلى استقامتي، ذكرناك بقوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣].
وإن قلت فإن والدي يعتصرهما الألم والشفقة إذا ما أصابني مكروه من مرض ونحوه، بشرناك بأن الله ﷿ يشملك وقت مرضك- عافاك الله من كل مكروه- برعاية ومعية لا يمكن تصورها، ويكفيك في ذلك هذا الحديث القدسي الذي يخبرنا بأن الله ﷿ يقول يوم القيامة: «يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟! أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده» ... الحديث (٦).
_________
(١) متفق عليه.
(٢) صحيح الجامع الصغير (١٧٦٨).
(٣) رواه مسلم (٢٧٥٤) والبخاري (٥٩٩٩).
(٤) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٣٨٣، وقال: رواه البزار من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(٥) حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا برقم (٢١).
(٦) رواه مسلم (٢٥٦٩).
1 / 32