الذي يتجول مع ضوء النهار وحيدا
مسكينا فوق الأرض المقدسة؛
تنطفئ وتخبو
إن لم تمد جذورها في الأرض كالنبات.
هو المتجول الوحيد المسكين، يشعر أن روحه تنطفئ وتخبو، وأنه مهما تغنى بالأرض والوطن فسيبقى بلا وطن ولا بيت ولا حب. أكان هذا إحساسا منه بأن جذوة العقل ستنطفئ بعد توهج؟ أكان تنبؤا منه بليل الجنون الذي سيحاصره نصف حياته على الأرض؟
والكنز المقدس الذي يحمله الغريب في صدره ويحرص عليه ويرعاه هو كنز العذاب. والعذاب هدية السماء لكل من يجسر على اقتحام مملكة الشعر والحب. وجرح الحب المحروم يدمي قلبه ويبدد راحته، ويشرده في الآفاق، ينفي عنه الاطمئنان لشيء أو التعلق بإنسان. فإذا عاد يوما إلى وطنه أحس لأيام أو شهور قليلة كأنه يعود لنفسه. وإذا أبصر ضفاف نهره الغالي شعر من جديد بأنه «عذابه المقدس ممتد بلا ضفاف»:
مرحا يعود الملاح إلى وطنه على النهر الهادئ
من الجزر النائية حيث كان يجمع الحصاد،
هكذا كنت أعود لوطني.
لو أنني حصدت من الخيرات مثل ما حصدت من عذاب
Unknown page