وَمِنْهَا تَزْكِيَة الطَّالِب عَن الْأَخْلَاق الرَّديئَة
وَمِنْهَا الْإِخْلَاص فِي مقاسات هَذَا المسلك وَقطع الطمع عَن قبُول أحد وتقليل الْعَوَائِق حَتَّى الْأَهْل وَالْأَوْلَاد والوطن فَإِنَّهَا صارفة شاغلة ﴿مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه﴾ وَترك الكسل وإيثار السهر فِي اللَّيَالِي والعزم والثبات على التَّعَلُّم إِلَى آخر الْعُمر كَمَا قيل الطّلب من المهد إِلَى اللَّحْد وَقَالَ تَعَالَى لرَسُوله ﴿وَقل رب زِدْنِي علما﴾ وَقَالَ ﴿وَفَوق كل ذِي علم عليم﴾ فَإِن مَرَاتِب الْكَمَال مُتَفَاوِتَة وَهِي فِي حد ذَاتهَا كَثِيرَة
وَمِنْهَا اخْتِيَار معلم نَاصح نقي الْحسب كَبِير السّنَن أَمِين متدين لَا يلابس الدُّنْيَا بِحَيْثُ تشغله عَن دينه ويسافر فِي طلب الْأُسْتَاذ إِلَى أقْصَى الْبِلَاد وَيُقَال أول مَا يذكر من الْمَرْء أستاذه فَإِن كَانَ جَلِيلًا جلّ قدره وَإِذا وجد يلقى إِلَيْهِ زِمَام أمره ويذعن لنصحه إذعان الْمَرِيض للطبيب
وَمِنْهَا أَن يَأْتِي على مَا قَرَأَهُ مستوعبا لمسائله من مباديه إِلَى نهايته بتفهيم واستثبات بالحجج وَأَن يقْصد فِيهِ الْكتب الجيدة المستندة وَأَن لَا يعْتَقد فِي علم أَنه حصل مِنْهُ على مِقْدَار لَا يُمكن الزِّيَادَة عَلَيْهِ فَإِن هَذَا طيش يُوجب الحرمان
وَمِنْهَا المذاكرة مَعَ الأقران والمناظرة مَعَ الإخوان لما قيل الْعلم غرس وماؤه درس لَكِن طلبا للثَّواب وَإِظْهَار الصَّوَاب لَا لمماراة السُّفَهَاء ومجاراة الْعلمَاء قيل مطالعة سَاعَة خير من تكْرَار شهر وَلَكِن مَعَ منصف سليم الطَّبْع صَحِيح الْفِكر مهذب النَّفس
1 / 21