Hindusiyya Muqaddima Qasira
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
نقلت أنانداماي ما المعرفة التي اكتسبتها من خلال خبرتها الخاصة بالأسلوب نفسه تقريبا الذي تتبعه الأمهات الهندوسيات عند تنشئتهن أطفالهن بحنان على الطقوس والقصص التي تناقلتها الأجيال في أسرهن؛ لذا، لقبها الكثيرون، بما في ذلك أصحاب الديانات الأخرى، بلقب «ما»؛ أي الأم، لكنها كانت أيضا طفولية شأنها شأن المعلمين الروحانيين الآخرين ؛ فكانت تمرح في تجربتها الروحانية وتنقلها في ابتهاج للآخرين.
تمثل أنانداماي ما استمرارية تقليد يرجع إلى زمن «أوبانيشاد» أو ما قبله، وهو التقليد الذي يسعى فيه التلميذ من كل قلبه إلى الحقيقة الروحية مسترشدا بالذات الداخلية لينعم بالتنوير. ويقال إن أنانداماي ما قد حظيت بما يعرف باسم «جيفانموكتي»؛ أي التحرر في هذه الحياة. وصارت شخصية يبحث عنها الآخرون للحصول على الحكمة التي يمكنها نقلها. وفي الفصل التالي، سنتعرف على المزيد من المعلومات حول معنى هذه الذات الداخلية والحقيقة التي تكشفها في الهندوسية.
الفصل الثالث
فهم الذات
لقد استمر المعلمون الروحانيون في القرن العشرين في تعليم تلاميذهم وإرشادهم بالأساليب التقليدية مع استخدام تقنيات اتصال حديثة في الوقت نفسه، وأهمها الكلمة المطبوعة، ووسائل النقل الحديثة، ومؤخرا الكمبيوتر والإنترنت. وبفضل ذلك، يحظى عدد من المعلمين الروحانيين بأتباع على مستوى العالم، والجماعات الناجحة المتمركزة حول معلم روحاني، مثل إرسالية سوامينارايان الهندوسية والجمعية الدولية للوعي بكريشنا، وحركة شايفا سيدهانتا، لديها مراكز في الهند وخارجها، ويسافر معلموها حول العالم لزيارة تلاميذهم، وآخر هذه الجماعات حركة هندية جنوبية يقودها في الغرب معلم روحاني يدعى سيفايا سوبرامونياسوامي، وهو أمريكي المولد وهندوسي شايفا الأصل. استخدم سيفايا وسطا يتمثل في صحيفة توزع عالميا، وهي «هيندويزم توداي»، للوصول إلى التلاميذ الحاليين والمحتملين، وغيرهم من الأشخاص المهتمين بالأمر. وأي شخص يرغب في معرفة أفكار هذا الرجل حول الطبيعة ومصير الذات يمكنه الوصول إليها عن طريق البحث في أرشيف الصحيفة السالفة الذكر على الإنترنت. وفي إصدار نوفمبر 1996 من «بابليشرز ديسك»، أجاب سيفايا سوبرامونياسوامي على سؤال «من أنا؟» قائلا:
يشير الحكماء (ريشي) إلى أن هويتنا لا تكمن في أجسادنا أو عقولنا أو مشاعرنا، وإنما نحن أرواح سماوية في رحلة معجزة. لقد أتينا من الإله، ونعيش في الإله، ونتطور لنصير واحدا مع الإله! نحن، في الحقيقة، الحقيقة التي نسعى إليها. أوم.
نحن أرواح خالدة تعيش وتنمو في مدرسة الخبرة الدنيوية العظيمة التي نعيش فيها حيوات عديدة. وقد منحنا حكماء «فيدا» الشجاعة بالنطق بحقيقة بسيطة؛ وهي أن «الإله هو حياة حياتنا.» وذهب حكيم عظيم إلى ما هو أبعد من ذلك بقوله إن ثمة شيئا واحدا فقط لا يمكن للإله فعله، ألا وهو الفصل بينه وبيننا؛ وذلك لأن الإله هو حياتنا. الإله هو الحياة في الطيور! الإله هو الحياة في السمك! الإله هو الحياة في الحيوانات!
إن إدراك هذه الطاقة الحياتية في كل ما يحيا يعني إدراك الوجود الحنون للإله داخلنا. نحن الوعي والطاقة الأبديان المتدفقان في كل شيء.
والتلاميذ الذين التزموا باتباع تعاليم هذا المعلم الروحاني يمكنهم الوصول إليه أيضا مباشرة عن طريق البريد الإلكتروني، ليطرحوا عليه ما لديهم من أسئلة بشأن الروح أو الذات، وبذلك، تكون لدينا صورة جديدة لفكرة قديمة موجودة في «أوبانيشاد»؛ وهي صورة الباحث عن الحقيقة لدى أحد الحكماء. وعلى الرغم من أن العلاقة بين التلميذ والمعلم الروحاني لا تكون عميقة حتى يتأهل الأول على يد الأخير، يمكن للباحث عن الحقيقة الحصول على إجابات مبدئية عن الأسئلة الوجودية والعملية بغض النظر عن المسافة أو الطائفة أو الجنسية أو النوع أو الدين.
لاستكشاف المزيد من الأفكار الهندوسية عن الذات، من المفيد الرجوع إلى قصة أقدم بكثير يتلقى فيها تلميذ التعليم على يد معلمه الروحاني. تخيل تلميذا شابا في العشرينيات من عمره يدعى شفيتاكيتو، ومعلمه الذي هو في الأساس والده، والذي يدعى أودلاكا أروني. كان شفيتاكيتو قد درس «فيدا» بالفعل، واعتقد بذلك أنه قد تعلم، وعاد إلى منزل والده. وهناك، اكتشف والده أن ابنه، بالرغم من سنوات دراسته، لم يكن يدرك طبيعة الحقيقة الصحيحة إدراكا كاملا. وباستخدام مثال ثمرة التين، يوضح أودلاكا أن الجوهر نفسه موجود في كل شيء: فسمات ثمرة التين موجودة في الفاكهة، وفي البذور الموجودة بداخلها، وفي الشجرة التي طرحت منها. ولتأكيد فكرته، يعلم الأب ابنه باستخدام مثال الملح:
Unknown page