عن ثور بن زيد قال: لما غزا النبي ﷺ تَبُوكَ أصاب فرسًا) من جدس (؛ فَحَمَلَ عليه رجلًا من الأنصار، وأمره إذا نزل أن ينزل قريبًا منه، شوقًا إليه وشَهْوَةً لصهيله، فلما قدم النبي ﷺ لقي الأنصاري، فقال: ما فعل الفرس؟ قال: خصيناه، قال) قد مثَّلت به، مثلتَ به، مثلت به! أعرافها أَدْفاؤها، وأذنابها مذابُّها، التَمِسوا نسلها، وباهُوا بصهيلها المشركين (.
وعن علي ﵁:) إن النبي ﷺ أهديت له بغلة فركبها، فقلت: لو حملنا الحمير على الخيل فكانت لنا مثل هذه! فقال ﵇: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون (.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ:) عاتبوا الخيل فإنها تعتب (. أي أدبوها وروضوها للحرب والركوب، فإنها تتأدب وتقبل العتاب.
ويحكى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يا بني! إذا سافرت فلا تنم على دابتك، فأن النوم عليها يُسرع في دَبَرِها، وإذا نزلت أرضًا مُكْلِئَةً فأعطها حظها من الكلأ؛ وأبدأ بسقيها وعلفها قبل نفسك.
فوجب إكرام الخيل، وصونها، والاعتناء بها، والمنافسة فيها والمحافظة عليها، وتَفَقُّدُ أحوالها، والتصرف فيما يصلحه من سياستها، وعلى الرجل الشريف) في (محاولةُ أمور فرسه بيده، ولا غضاضة تلحقه بالتصرف في شأنه، بل يلحقه الذم بالتفريط في أمره، ويستحق اللوم على التنزه عنه لكبره والاتكال به على غيره، فينبغي للفارس ألا يغفل عن تفقد فرسه وموضعه ومربطه ومراغته، وجميع أحواله في سياسته وعلفه وسَقْيه، ولتكن أكثر عنايته بالنظر إلى قوائمه في كل الأحوال، يجسُّها بيده، فأن رأى تفززًا في عصبة أو أمارة نفخ أو امتلاء، أو علامة دم أو أدنى علَّةٍ، فليبادر بعلاجها وملاطفتها في بدئها، ولا يتعبه معها، ولا يجُرْهِ يومئذ، فقد تبدو العلل يسيرة لا تكاد تَبِين، فربما حمل عليه فعادت كبارًا، أو كان منها سبب مُتْلِف، وعلاجها في ابتدائها أقرب، وأمرها أيسر.
وليحذر كل الحذر من سقيه وأعلافه الشعير إثر الإعياء والتعب، وليمهل حتى يسكن ويجف عرقه ويهدأ هدوءًا تامًا. وكذلك يحذر من علف الشعير الكثير مع طول الراحة والجِمَام وقلة الحركة والتصرف.
وكذلك يحذر من اختلاط الرَّطْب من الحشيش مع اليابس في علفه ما استطاع. وللضرورات أحكام يلحظ فيها الأوفق ما قَدَرَ عليه. فقسْ تُصِبْ بحول الله.
الباب الرابع
فيما تسميه العرب من أعضاء الفرس
وعدد ما في ذلك من أسماء الطير
أعلاه) سَرَاتُه (، وفي سَراته) قَراه (، وهو) سَناسِنُ (صُلْبه، الواحدة) سِنْسنة (، وهي رأس الضلع بالفقَار.
وفي سراته) حَجَبتاه (وهما) حَرْقَفتاه (،) والحرقفة (رأس الورِك العليا، وهي التي تشخص إذا هُزلت الدابة. وفي سراته) قَطاته (، والقَطاَة مقعد الرِّدف، والرِّدف هو الراكب خلف الفارس. وهو الرديف أيضًا. وفي سَراته) موِقفاه (، والموقفِان أعلى خاصرتيه بين الحجَبتين وضلع الخلف. وفي سَراته) كاثبته (والكاثبة موضع وسط السرج من مقُدمه.
وفي سَرَاته) مَنْسِجه (، والمنسِج موضع القَربوس، وهو حيث فروع الكتفين مقدم الكاهل، وبذلك يسمى مَنْسجًا. وفي السراة) العُذْرة (، وهو شعر الكاثبة، وهو منتهى العُرف. وفي السراة) العُرف (، وهو شعر عنقه ما بين عُذرته وناصيته. ومن سَراته ناصيته لاتصالها بالعُرف، والناصيةُ هي الشعر المرسل على عينيه ووجهه حتى طرف عُرفه من قُدم. والعُرف اسم الشعر خاصة؛ والْمَعْرَفة منبت العُرف. ويكتنف المعَرفة عِرقان يقال لهما) العِلباوان (واحدتهما) عِلباء (.
وفي سراته) رأسهُ (و) هامتهِ (، فأما هامته) فأُمُّ دماغه (وما استدار من رأسه بأذنيه. وسَّميت الهامة أم الدماغ لاشتمالها عليه كاشتمال الأم على ولدها. وفيها) القَمَحْدُوَةُ (، وهي باطن القفا، وهي العظم الناتئ من القفا، و) قفا (الفرس مقعد عِذاره من منبت عُرفه.
و) سِمامُ (الفرس قصب خياشيمه التي فيها الغضاريف، ويقال الغراضيف، وهو من المقلوب. وبعض العرب تقول: هي) سُمومهُ (، ويقال أيضًا بل هما عرْقان في خيشومه. وعلى كل قول فالسَّمام اسم لنخاريب الخياشيم.
1 / 8