الجَبَلِ وَجْهَه، ولا جانِبا الحائِطِ مِن وَجْهِه، ومَن اعْتَبَرَ هذا في آذانِ الأنْعامِ وأذانِ السِّباعِ لم يَخْفَ عليه أنَّ آذانَها مِن رُؤوسِها، لا مِن وُجُوهِها. ويدُلُّ على ذلك قَوْلُ الشاعر:
إلى هامَةٍ قد وَقَّرَ الضَّرْبُ سَمْعَهَا ... وليستْ كأُخْرى سَمْعُها لم يُوَقَّرِ
يقال للقُتَيْبِيِّ: إذا كان الوجهُ هو الذي يُواجِهُك، ولم تكن المواجهةُ بالْأُذُنَيْن، دَلَّ ذلك على أنهما ليسا من الوَجْهِ، فَمِنْ أين لك أنهما من الرأس؟ وذلك أن الرأس ما عَلاَ، ولا نعلم أحدًا سَمَّى جَانِبَيِ الجبلِ رأسَ الجبل، فلَا نُلْزِمُ مَن قال: إنَّهما مِن الوَجْهْ شيئًا إلاَّ وقد لَزِمَك مِثْلُه في قولِك: إنهما مِن الرأس، لأن جَانِبَيِ الجبلِ ليسا وَجْهَه، فكذلك جَانِباه ليسا رأسَه. وإذا كان الآذانُ في الجانِبَيْن دَلَّ أنهما ليسا مِنَ الوَجْهِ ولا مِنَ الرَّاس، على ما أصَّلْتَهُ.
وأمَّا احْتِجاجُك بقَوْلِ القائِل:
إلى هامَةٍ قد وَقَّرَ الضَّرْبُ سَمْعَهَا
فإنَّ العربَ تُضيفُ السمعَ والبصرَ إلى الراس، لأنهما في الرَّاس، ثم لا يدُلُّ ذلك على أنَّ حُكْمَ العَيْنَيْنِ حُكْمَ الأُذُنَيْن، ألا تَرى الشَّنْفَرَى يقول:
1 / 48