Hilyat al-awliyaʾ wa tabaqat al-asfiyaʾ
حلية الأولياء و طبقات الأصفياء
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
بجوار محافظة مصر
الْجِبَاهِ، الْأَذِلَّاءُ فِي نُفُوسِهِمُ، الْفُنَاةُ الْمُفَارِقُونَ لِمُوثِرِي الدُّنْيَا مِنَ الطُّغَاةِ، هُمُ الَّذِينَ خَلَعُوا الرَّاحَاتِ، وَزَهَدُوا فِي لَذِيذِ الشَّهَوَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ وَأَلْوَانِ الْأَشْرِبَةِ، فَدَرَجُوا عَلَى مَنَاهِجِ الْمُرْسَلِينَ، وَالْأَوْلِيَاءِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَرَفَضُوا الزَّائِلَ الْفَانِيَ، وَرَغِبُوا فِي الزَّائِدِ الْبَاقِي، فِي جِوَارِ الْمُنْعِمِ الْمِفْضَالِ، وَمَوْلَى الْأَيَادِي وَالنَّوَالِ
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَمِنَ الْأَعْلَامِ الشَّاهِرَةِ، صَاحِبُ الْأَحْوَالِ الزَّاهِرَةِ، الْجَوَادُ بِنَفْسِهِ، الْفَيَّاضُ بِمَالِهِ، طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ. قَضَى نَحْبَهُ، وَأَقْرَضَ رَبَّهُ، كَانَ فِي الشِّدَّةِ وَالْقِلَّةِ لِنَفْسِهِ بَذُولًا، وَفِي الرَّخَاءِ وَالسَّعَةِ بِمَالِهِ وَصُولًا. وَقَدْ قِيلَ: «إِنَّ التَّصَوُّفَ النُّزُوحُ بِالْأَحْوَالِ، وَالتَّخَفُّفِ مِنَ الْأَثْقَالِ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: " كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا ذُكِرَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ: ذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمُ طَلْحَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ وَلِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: «عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا»، يُرِيدُ طَلْحَةَ وَقَدْ نَزَفَ، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ فَإِذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ، وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: " لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أُحُدٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ [الأحزاب: ٢٣] الْآيَةَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقْبَلْتُ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَالَ ⦗٨٨⦘: «أَيُّهَا السَّائِلُ هَذَا مِنْهُمْ»
1 / 87