217

Hikmat Gharb

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

Genres

كما تسمى أحيانا، فلنفرض أننا وضعنا قائمة بجميع الكسور العشرية مرتبة حسب حجمها، ثم صنعنا كسرا عشريا جديدا عن طريق أخذ الرقم الأول من الفئة الأولى، والثاني من الفئة الثانية، وهلم جرا، ورفعنا كل رقم بمقدار واحد. عندئذ يكون الكسر العشري الناتج مختلفا عن جميع الكسور العشرية في نفس القائمة التي كنا قد اعتقدنا أنها كاملة. وهذا يثبت أن من المستحيل أصلا وضع قائمة يمكن تعدادها بالكامل. فعدد الكسور العشرية لا نهائي بدرجة أعلى من عدد الأعداد الطبيعية. هذه العملية التي توصف بأنها محورية

diagonal

كان لها فيما بعد شيء من الأهمية في المنطق الرمزي أيضا.

وقد أثيرت قرب نهاية القرن التاسع عشر مسألة أخرى لها أهمية رئيسية بالنسبة إلى المشتغل بالمنطق، فقد كان طموح الرياضيين منذ أقدم العصور يتجه إلى محاولة تقديم علمهم على أنه نسق من الاستنباطات من نقطة بداية واحدة، أو من أقل عدد ممكن من نقاط البداية. وكان ذلك أحد جوانب «صورة (أو مثال) للخير» عند سقراط، ويمثل كتاب «المبادئ» لإقليدس نموذجا لما كان مطلوبا، على الرغم مما كان يشوب طريقة إقليدس في العرض من عيوب.

وهكذا قدم الرياضي الإيطالي بيانو

في حالة الحساب، مجموعة صغيرة من المصادرات

يمكن استنباط كل شيء آخر منها. فالقضايا الأساسية عددها خمسة، وهي تقوم معا بتعريف فئة المتواليات، التي تعد سلسلة الأعداد الطبيعية مثلا واحدا منها. وتنص هذه المصادرات، باختصار، على أن ما يلي كل رقم هو أيضا رقم، وأن لكل رقم رقما آخر واحدا فقط هو الذي يليه. وتبدأ السلسلة بالصفر، الذي هو رقم، ولكنه هو ذاته لا يلي رقما آخر. وأخيرا، هناك مبدأ الاستقراء الرياضي، الذي يتم بواسطته إثبات الخصائص العامة المنتمية إلى جميع أفراد السلسلة. ونص هذا المبدأ هو: إذا كانت خاصية معينة لأي رقم «ع» تنتمي أيضا إلى الرقم الذي يليه، وإلى الرقم صفر، فإنها تنتمي إلى كل رقم في السلسلة.

ومنذ أيام بيانو، أصبح هناك اهتمام أكبر بالمسائل المتعلقة بأسس الرياضة، وفي هذا الميدان توجد مدرستان فكريتان متعارضتان: الأولى هي مدرسة الشكليين

Formalists

الذين ينصب اهتمامهم على الاتساق والثانية هي مدرسة الحدسيين، الذين يسيرون في طريق وضعي إلى حد ما، ويطالبون المرء بأن يكون قادرا على الإشارة إلى ما يتحدث عنه.

Unknown page