بسم الله الرحمن الرحيم المرحلة في علم الطبيعي ان الترتيب الطبيعي وان استدعى تقديم (1) مباحث الجواهر وأقسامها على مباحث الاعراض وأقسامها لكن اخرنا البحث عن الجواهر لوجهين أحدهما ان أكثر أحوالها لا يبرهن الا بأصول مقررة في احكام الاعراض.
وثانيهما ان معرفتها (2) شديده المناسبة لأن يقع في العلم الإلهي وعلم
Page 2
المفارقات الباحث عن ذوات الأشياء وأعيانها دون ان يقع في الفلسفة الباحثة عن الكليات والمفهومات العامة وأقسامها الأولية فلهذين الوجهين قدمنا احكام الاعراض على مباحث الجواهر وفيها مقدمه وفنون اما المقدمة ففي بيان عدد المقولات وهي عند الفلاسفة عشره الجوهر والتسعة الباقية العرضية وهي الكم والكيف والإضافة والأين والوضع ومتى والملك وان يفعل وان ينفعل.
وفيها مباحث أربعة أحدها اثبات ان كلا منها جنس لما تحته وهو لا يظهر الا بخمسه أمور الأول اشتراك الأقسام التي جعلت تحت كل من هذه العشرة في معنى وما هو أقل ما يجب في الجنس.
الثاني ان يكون ذلك المعنى الذي هو جهة الاشتراك وصفا ثبوتيا لان السلوب لا تكون أجناسا للموجودات اللهم الا ان يكون عنوانات يشار بها إلى معاني كليه كما في الجوهر والكيف.
الثالث ان يكون الوصف الثبوتي مقولا على ما تحتها بالتواطؤ لا بالتشكيك إذ التشكيك عندنا لا يكون الا في الوجودات لا في المهيات والوجود غير داخل في المهيات.
الرابع ان يكون داخلا فيما تحتها من الأنواع لا اعراضا خارجا الخامس ان يكون تمام المهية الجزء المشترك بينهما وثانيها ان هذه العشرة لا يوجد اثنان منها داخلين تحت جنس ولم يوجد في كلام الأقدمين برهان على هذا.
بل الشيخ حكى ان من الناس من زعم أن الفعل والانفعال هما نفس الكيفية وهذا فاسد لان التسخين مثلا لو كان هو السخونة لكان كل مسخن متسخنا ولكانت حركه متسخنا وهو باطل.
واما التسخن والتسود فهو طلب السخونة وطلب السواد وطلب الشئ يستحيل
Page 3
ان يكون ذلك الشئ لاستحالة كون الشئ طلبا لنفسه ومن الناس من جعل المقولات أربعا الجوهر والكم والكيف وجعل النسبة جنسا للسبعة الباقية ووافقهم صاحب البصائر (1) وصاحب المطارحات جعلها خمسه هذه الأربعة وحركه وله حجه على الحصر فيها سننقلها أولا ثم نبين وجه الخلل فيها ولما حصرنا المقولات المشهورة في خمسه وجدنا بعد ذلك في موضع لصاحب البصائر حصرها في أربع وهي الأربعة المذكورة قال وإذا اعتبرت الحصر الذي ذكره لا تجده صحيحا فان حركه لم تدخل تحت الجوهر لأنها عرض ولا تحت الكم لأنها ليست نفس الكم وإن كان لها تقدير ولا يلزم من كون الشئ متقدرا كونه كما بذاته وليست بكيف فان الكيفية هيئة قارة لا تقتضي القسمة ولا النسبة لذاتها وان عرض لها النسبة إلى المحل.
عقده وحل أقول هذا الكلام كما يرد ظاهرا على الحصر المذكور يرد على الحصر للعرض في التسع حيث إنهم يجعلوا حركه مقولة أخرى فهذه عقده على القائلين لكل من المذهبين فيجب دفعها والحل ان حركه هي عبارة عن نحو وجود الشئ التدريجي الوجود ولا مهية له الا الكون المذكور والوجود خارج عن المهيات الجوهرية والعرضية والطبيعة التي يلحقها الجنسية لا يجوز ان يكون خارجا عن مهية الأنواع فالحركة ليست بجنس فضلا عن أن تكون مقولة والذي يذكر في مباحث حركه ان وحدتها قد تكون جنسية ونوعية وشخصية فذلك باعتبار ما تعلقت به.
ثم قال فاذن الأقرب لمن يريد ان يحصر المقولات في الخمسة ان يقول المهية
Page 4
التي هي وراء الوجود اما ان يكون جوهرا أو غير جوهر وهو الهيئة فهي اما ان يتصور ثباتها أو لا يتصور فإن لم يتصور ثباتها فهي حركه وان تصور ثباتها فاما ان لا يعقل دون القياس إلى غيرها فهي الإضافة واما ان يعقل دون ذلك فاما ان يوجب المساواة واللا مساواة والتجزي أو لا فان أوجب فهو الكم والا فهو الكيف فالكيف قد وقع في آخر التقسيم وله مميزات عن كل واحد من أطراف التقسيم فهو من حيث هو هيئة امتاز عن الجوهر ومن حيث إنها قاره امتاز عن حركه ومن حيث إنها لا تحتاج في تصوره إلى تصور امر خارج عنه وعن موضوعه امتاز عن الإضافة ومن حيث إنها لا تحوج إلى اعتبار تجز امتاز عن الكم واشتمل تعريفه على جميع أمور يفصله عن المشاركات الأربعة فهذا هو بيان الحصر في الخمسة ثم اخذ في بيان ان متى والأين وغيرهما لا يعقل الا مع النسبة وساق الكلام في واحد واحد إلى آخر هذا الكلام.
بحث آخر معه اعلم أن النسبة ليست أمرا مستقل المهية يمكن تعقلها من حيث هي هي مع قطع النظر عن المنسوب والمنسوب إليه ولا أيضا يمكن تجريدها في العقل عن المنتسبين وكل ما لم يمكن تجريدها لا في الخارج ولا في العقل عن شئ ولا أيضا يمكن اعتبارها من حيث هي معزولا فيه النظر عما عداه فلا يمكن اخذه طبيعة محموله على جزئيات لها الا مع ذلك الشئ فالنسبة لا تكون جنسا أو نوعا محمولا على ما تحتها الا مأخوذا معها جنس ما هي نسبه له أو نوعه فكون النسبة جنسا أو نوعا أو شخصا لا يستصح ولا يستقيم الا بان يكون ذو النسبة بما هو ذو النسبة (1) أحد هذه الأمور.
Page 5
فإذا تقرر هذا فنقول النسبة المكانية وهي الأين مثلا يجوز كونها جنسا لكل ما يؤخذ معها المكان من النسب وكذا مقولة متى وهي نسبه الشئ إلى الزمان يصح وقوعها باعتبار اخذها مع الزمان جنسا لكل نسبه يؤخذ معها نوعا من الزمان فيكون تلك النسب المأخوذة مع الأنواع أنواعا لمتى وما يؤخذ معها اشخاص الزمان أشخاصا مندرجة تحت مقولة متى لاندراج تلك الاشخاص الزمانية تحت مطلق الزمان فإذا لو وجد لهذه المعاني السبعة التي تحصلت باعتبارها مهيات النسب السبع معنى جامع مشترك متواطئ داخل في قوامها لأمكن القول بان النسبة جنس لهذه النسب السبع كما لو كان ذلك المعنى جنسا فرضا للزمان والمكان ولنفس الاجزاء التي لذوات الأوضاع ونفس الكيفية التي في أن ينفعل وان يفعل وكذا للجوهر باعتبار نسبه الإضافة وكذا لأطراف الملك كالقميص والعمامة ومنهم من جعل المضاف جنسا للستة الباقية النسبية والشيخ أبطل ذلك القول بان كون الشئ منسوبا وان استلزم كونه مضافا لكن الثاني عارض للأول غير داخل في تلك الستة فان كون الشئ في الدار مثلا هي نسبته التي هو بها أين وهذه النسبة ليست اضافه بل أينا.
ثم إذا اعتبرت التكرير وجدت الموصوف بالأين يعرض له من حيث هو ذو أين ان يصير معقول المهية بالقياس إلى ما هو فيه من حيث هو محوى وذلك حاولا من حيث هو أين فقط بل من حيث هو محوى وذلك حاويه فيعرض له الإضافة وكما أن كون الشئ بياضا شئ وكونه لذي البياض شئ آخر كذلك كون الشئ في مكان شئ وكونه مهية مقولة بالقياس إلى غيره شئ آخر والأول موضوع للثاني من حيث ا ن يصير النسبة شاملة للطرفين الحاوي والمحوى وهذا معنى قولهم ان النسبة تكون لطرف واحد والإضافة للطرفين.
وثالثها انه لا مقولة خارجه عن هذه العشرة والشيخ احتج على ذلك بحجه ضعيفه اعترف بردائتها ولذلك طويناها فان قيل هنا أمور خارجه عن العشرة كالوحدة والنقطة والآن الوجود والشيئية وحركه والاعتبارات العامة وكذلك الفصول
Page 6
البسيطة ومفهوم المشتقات كالأبيض والحار وأمثالهما وكذلك الاعدام كالعمى والجهل قلنا اما الاعدام بما هي عدم فيجب خروجها لان كلامنا من الأمور الوجودية وهي من جهة ملكاتها كالعلم والبصر ملحقه بالملكات بالعرض وكلامنا فيما بالذات وكذلك حكم المشتقات والمركبات لان الوحدة معتبره في تقسيم الممكن إلى هذه العشرة كما أن الوجود معتبر واما خروج نفس الوجود فلان الكلام في المهيات والوجود خارج عنها كما علمت واما الوحدة فهي عندنا نفس الوجود كما علمت واما النقطة فهي عدمية واما حركه فهي نحو من الوجود كما أشرنا إليه واما الفصول البسيطة فهي بالحقيقة عبارة عن الوجودات الخاصة للمهيات النوعية واما الشيئية والممكنية من الأمور الشاملة فلا تحصل لها الا بالخصوصيات.
قال الإمام الرازي لقائل ان يقول إن الوحدة والنقطة داخلتان في مقولة الكيف لأنهما عرض لا يتوقف تصوره على تصور شئ خارج عن حامله ولا يقتضى قسمه ولا نسبه في اجزاء حامله والشيخ لم يتعرض لابطال هذا الوجه أقول قد علم وجه اندفاعه.
واعلم أن الشيخ حكى عن بعضهم ادخالهما في الكم ثم أبطل ذلك بان الكم ما يقبل المساواة والمفاوتة لذاته وذلك لا يحمل عليهما (1) وحكى عن قوم انهم أبطلوا ذلك بان الوحدة مبدء للكم المنفصل والنقطة مبدء للكم المتصل والمبدء خارج عن ذي المبدء والا لكان مبدء نفسه ثم أبطل هذا الابطال بان الوحدة ليست مبدءا الا لقسم من الكم وهو المنفصل والنقطة ان ثبت مبدئيتها فهي ليست أيضا مبدء الا للكم المتصل فلا يلزم من كون كل منهما مبدء لبعض الأنواع ان يصير مبدءا لنفسه وحكى عن آخرين
Page 7
انهم يدخلونها تحت مقولات كثيرة باعتبارات مختلفه فالنقطة من حيث هي طرف من المضاف ومن حيث هي هيئة ما من الكيف وذلك باطل لان المهية الواحدة يستحيل ان يتقوم بجنس وبما ليس ذلك الجنس.
والشيخ قد سلم خروج هذه الأمور عن المقولات العشر وذلك لا يناقض دعوى عشرية الأجناس العالية فان الدعوى ان كل ما كانت له مهية متحصلة من جنس وفصل فهو تحت إحدى هذه المقولات فالبسائط كنفس الأجناس العالية والفصول الأخيرة والأنواع البسيطة والهويات الشخصية خروجها غير قادح في الحصر كما أن من ادعى ان أهل المدينة عشره أقوام فإذا وجدنا أقواما بداه غير متمدنين لم يقدح ذلك في دعوى عشرية المدينين.
ورابعها عن كيفية انقسام هذه المقولات إلى أنواعها فلا بد من تحقيق ان تقسيمها إلى أقسامها هل هي بالفصول أو بالعوارض وتقسيمها إلى العوارض أيضا قد يكون مطابقا للتقسيم بالفصول كما إذا قسمنا الحيوان إلى قابل العلم وغير قابل العلم فإنه يطابق لتقسيمه إلى الناطق وغير الناطق وقد لا يكون كتقسيم الحيوان إلى الذكر والأنثى الفن الأول في مقولة الكم واثبات وجودها ووجود أقسامها واثبات عرضيتها وفيه فصول فصل [1] في تعديد الخواص التي بها يمكن معرفه مهية الكم المطلق وهي ثلاث الأولى التقدير والمساواة والمفاوتة وهي أمور إضافية لكن عروضها للأشياء من جهة انها كم أو ذو كمية لا بسبب الطبيعة الجسمية العامة أو الخاصة الثانية قبول القسمة وهي تشتمل على قسمين أحدهما كون الشئ بحيث يمكن ان يتوهم فيه شيئان مثله ويتوهم لكل من الشيئين أيضا شيئان مثل الأول و
Page 8
هكذا لا يقف إلى غير النهاية وهذا المعنى يلحق المقدار لذاته ولا يوجب لحوقه للجسم تغييرا فيه وحركه له مكانية والثاني حدوث الافتراق والانفكاك وهو عبارة عن حدوث هويتين للجسم بعد أن كانت له هويه واحده من نوعهما ولا بد في هذا المعنى من حركه وانفعال وهذا المعنى من عوارض المادة ويستحيل عروضه للمقدار كما ستعلم في مباحث الهيولى ولكن تهيؤ المادة لقبول هذه الانقسام انما هو بسبب المقدار ولا يلزم من كون الشئ مهيئا للمادة لقبول معنى ان يكون ذلك الشئ مستعدا لذلك المعنى والا لكان كل معد مستعدا لما يعد ولا يلزم أيضا بقاء ذلك المقدار عند حصول الانقسام كما أن حركه تعد الجسم لان يسكن في مكان فهي لا تبقى مع السكون.
الثالثة كونه بحال يمكن ان يصير معدودا بواحد وذلك لأنه قد ثبت كما سيجئ ان الجسم المتصل واحد قابل لانقسامات انفكاكية غير متناهية لكن لا يجوز خروج الجميع من القوة إلى الفعل وكل جسم صح ان يقال يجب ان يكون انقساماته متناهية وصح ان يقال يجب ان يكون انقساماته غير متناهية وكلا المعنيين من عوارض المادة بواسطة المقدار.
فإذا تقرر هذا فنقول كل جسم قابل للتنصيف إلى غير النهاية والتنصيف في المقدار تضعيف في العدد وبالجملة كل تبعيض في المقدار تكثير في العدد والعدد غير متناه في جانب الزيادة وهو منته في جانب النقصان إلى الواحد والمقدار غير متناه في طرف النقصان وهو منته في طرف الزيادة ولما ظهر ان المقدار لذاته قابل للتجزية وجب ان يكون لذاته قابلا للتعديد فاذن الكم مطلقا سواء كان منفصلا بالفعل كالعدد أو منفصلا بالقوة متصلا بالفعل كالمقدار فإنه قابل لان يوجد فيه واحد يصير هو معدودا بذلك الواحد فظهر بهذا التحقيق ان للكمية خواص ثلاث لا يشاركها غيرها فبعضهم اقتصر على الأولى في التعريف فقال عرض يقبل المساواة وعدمها وهو ضعيف لان المساواة لا يمكن تعريفها الا بكونها اتحادا في الكم فيكون دوريا وبعضهم من ضم إليها الخاصة الثانية وهي قبول
Page 9
القسمة وهو خطا لأنه تعريف بالأخص حيث إن قبول القسمة من عوارض الكم المتصل لا المنفصل الا بالاشتراك الأسمى فالأولى ما فعله الشيخان فعرفاه بأنه الذي بذاته يمكن ان يوجد فيه شئ واحد عادا فهذا صحيح لا يختلف في المتصل والمنفصل وليس فيه دور لان الواحد استعمل فيه وهو مساوق للوجود غنى عن التعريف وكذلك العدد غنى عنه فصل [2] في الفرق بين المقدار والجسمية وذلك من ستة أوجه أربعة منها مبنية على نفى الجزء الذي لا يتجزى فالأول ان الجسم الواحد يتوارد عليه المقادير المختلفة والجسمية المخصوصة باقيه بحالها كالشمعة المتشكلة بأشكال مختلفه يتوارد عليها الابعاد الطولية والعرضية والعمقية مع اثبات ذاتها في حد جسميتها فيدل على كون تلك المقادير زائدة على الجسمية فان قيل الجسم الكروي إذا انكعب لم يتغير مقداره إذ هو مساو لما كان أولا في المساحة فنقول انك ستعلم ان المساوي قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوة وان أمثال هذه الاشكال المختلفة لا مساواة لها بالحقيقة الا بالقوة والذي بالقوة ليس بموجود بعد.
والوجه الثاني ان الأجسام مشتركة في الجسمية ومختلفه في المقادير وهذا المسلك لا يحتاج إلى تعاقب المقادير على الجسم الواحد واعترض صاحب حكمه الاشراق بأنه كما أن الأجسام مشتركة في الجسمية ومختلفه في المقادير فهي كذلك مشتركة في كونها متقدرة فإن كان اشتراكها في الجسمية واختلافها في المقادير المخصوصة يوجب كون المقادير اعراضا زائدة على جسميتها لزم ان يكون اختلافها في المقادير المخصوصة بعد اشتراكها في أصل المتقدرية يوجب ان يكون المقادير المخصوصة اعراضا زائدة على متقدريتها حتى يكون مطلق المقدار عرضا والمخصوص
Page 10
عرضا آخر وذلك محال والا لزم التسلسل المحال كما يظهر بأدنى تأمل فكما لم يلزم بل بطل ان يكون أصل المقدار موجودا مغايرا للمقدار المخصوص الا في الذهن بحسب التعيين والابهام فكذلك جاز ان يكون الأجسام مشتركة في الجسمية ومتمايزة بمقاديرها المخصوصة وان لم يكن المقدار موجودا مغائرا للجسمية أقول هذا البحث قوى جدا وستعلم وجه انحلاله.
الوجه الثالث ان الأجسام صح ان يكون بعضها مقدرا للبعض عادا له وبعضها مقتدرا معدودا بالآخر فالمقدار العاد في أكثر الامر يخالف المقتدر المعدود فليست المقدرية والمعدودية بنفس الجسمية التي يستحيل ان يخالف فيها جسم جسما والايراد المذكور متوجه عليه أيضا.
الوجه الرابع ان الجسم الواحد يسخن فيزداد حجمه من غير انضمام شئ إليه ولا لوقوع خلا فيه لاستحالته ويبرد فيصغر حجمه من غير انفصال شئ منه أو زوال خلا كان وذلك الجسم محفوظ الهوية في الحالين فهو مغاير للمقادير وهذه الحجة أيضا مبنية على نفى الجزء الذي لا يتجزى لابتناء التخلخل والتكائف على نفيه.
الوجه الخامس ان وجود السطح من توابع المادة على ما سنقيم البرهان عليه وتابع المادة ليس نفس الجسمية لأنها مقومه إياها متقدمة عليها بالعلية فاذن السطح مغاير للجسمية وإذا ثبت عرضية السطح ثبت عرضية الخط لكونه من عوارض على وجه أولى.
والسادس الخط والسطح غير داخلين في معنى الجسم لان من عقل أو فرض جسما غير متناه فقد عقل وفرض جسما لا جسما لا جسما لكونه محالا فلما صح انفكاكهما عن الجسم لذاته وان لم ينفكا عنه بسبب غير الجسمية فثبت مغايرتهما إياه وسيما الخط بصحة انفكاكه عن الجسم بل وعن البسيط في الوجودين كما في الكره الساكنة واما الكرات المتحركة دائما التي تعينت فيها مناطق ومحاور فان الجسمية فيها متقدمة على حركاتها المتقدمة على تعيين الدوائر والخطوط فيستحيل ان
Page 11
يتقوم الجسمية بها والا لزم تقدم الشئ على نفسه وهو محال.
ولقائل ان يقول ما ذكرتموه منقوض بالهيولى والصورة فإنهما داخلتان في قوام الجسم وقد لا يعلمها من علم الجسم والذهول عنهما عند العلم بالجسم لا ينافي كونهما مقومين له فكذلك هيهنا والجواب ان من علم الجسم جوهرا مركبا من الجواهر الفردة فلم يعلم حقيقة الجسم ومن علمه جوهرا متصلا بلا مادة فعلم حقيقته وإن كان علما ناقصا ومن علمه مادة بلا صوره فما علمه بالحقيقة ثم من جعل المقادير مقومه للجسم جعلها من باب الصورة لا من باب المادة وأيضا لما صح ان يكون الهيولى مجهوله عندما يكون الصورة معلومه لا جرم وجب تغايرهما فكذلك إذا علمنا الجسمية وشككنا في وجود السطح كان وجوده مغايرا لوجود الصورة.
حكمه مشرقية ان الذي أفاض علينا من بحر فضله في عرضية المقادير التعليمية للجسم الطبيعي هو انا نمهد أولا ان كل ما هو داخل مع شئ آخر في حقيقة معنى جنسي فلا بد ان يكون مبادئ أحدهما ومقوماته ومكملاته بعينها مبادئ ومقومات ومكملات للاخر أيضا وكذا اقسام أحدهما يدخل في اقسام الاخر فاذن لو كانت الجسمية عين المقدار لكان محصل أحدهما محصل الاخر ولا شبهة في أن الجسمية بالمعنى الذي هو جنس يفتقر إلى مقومات فصلية ومع انضمام الفصول الأولية قد يحصل لها أنواع إضافية هي أيضا إذا اخذت من حيث هي هي بلا شروط يكون معاني غير تامه مفتقرة إلى فصول أخرى بعد تلك الفصول وهكذا إلى أن ينتهى إلى أنواع محصله لا يتصور تحصيل بعدها والجسمية بالمعنى الذي هو مادة يفتقر إلى صوره كمالية كالعنصرية وبعد انضمامها إلى أخرى كالمنمية وأخرى كالحساسة وأخرى كالناطقة ثم هذه المبادئ والمقومات التي في القبيلتين كلها من الأحوال والكمالات التي كان
Page 12
الافتقار إليها في تحصيل الموجود بما هو موجود أو في الجوهر بما هو جوهر أو في الجوهر المنفعل بما هو جوهر منفعل أو في الجوهر المنفعل المكيف بالكيفية المزاجية بما هو ذو مزاج أو في النامي من حيث نموه أو في الحيوان من جهة حيوانية واما المقدار المطلق الجنسي فإذا احتاج إلى معنى فصلى يجب ان يحتاج إليه من جهة كمية ومقدارية فلا جرم يتحصل أولا بكونه جسما تعليميا وسطحا وخطا فإنها من العوارض الأولية للمنقسم من حيث هو منقسم انه هل انقسامه في جهة فيتحصل خطا أو في جهتين فيتحصل سطحا أو في جهات فيتحصل جسما وكذلك كل منها إذا تحصل تحصلا آخر يجب ان يكون تحصله من باب المعاني والكمالات التي تلحق المقادير بما هي مقادير متصلة كانت أو منفصله كالطول والقصر كالعادية والمعدودية والتشارك والتباين والمنطقية والأصمية وغير ذلك فاللازم باطل فكذا الملزوم وبهذا يعلم وجه اندفاع الاشكال الوارد على الوجه الثاني والثالث جميعا فصل [3] في تقسم الكم إلى المتصل والمنفصل وتقسيم المتصل إلى أنواعه وان المنفصل هو العدد لا غير وفي بطلان القول بان القول كم منفصل والثقل والخفة كم متصل فنقول يطلق لفظ المتصل لمعنيين حال المقدار في نفسه وحاله بالإضافة إلى مقدار آخر.
فالأول فصل الكم وله تعريفان أحدهما كون الكم بحيث يمكن ان يفرض فيه اجزاء تتلاقى على الحدود المشتركة.
والحد المشترك ما يكون بداية لجزء ونهاية لاخر وثانيهما كونه قابلا للانقسامات الغير المتناهية بالقوة والمنفصل يقابله في كلا المعنيين.
والثاني وهو المعنى الإضافي وهو أيضا على وجهين أحدهما كون مقدارين نهايتهما واحده كخطي الزاوية وكقسمي الجسم الأبلق وثانيهما كون مقدارين
Page 13
نهاية أحدهما ملازمه لنهاية الاخر في حركه والمنفصل أيضا يقابله فيهما جميعا.
إذا تقرر هذا فنقول الكم المطلق ينقسم إلى متصل بالمعنى الحقيقي ومنفصل يقابله والمتصل اما ان يكون ثابته الذات قاره الاجزاء أو لا يكون الأول هو المقدار المنقسم إلى ما له امتداد واحد وهو الخط أو ما له امتدادان متقاطعان على القيام وهو السطح ويقال له البسيط أو له امتدادات ثلاثة متقاطعة على القوائم وهو الجسم التعليمي وهو أتم المقادير لقبوله القسمة إلى جهات ثلاث ويقال له الثخين والثخن لأنه حشو ما بين السطوح والعمق لأنه ثخن نازل من فوق والسمك لأنه ثخن صاعد من أسفل وقد ترسم المقادير الثلاثة على وجه آخر غير ما خرج من هذا التقسيم فيقال الخط ما يرتسم من حركه النقطة على بسيط والسطح ما يرتسم من حركه الخط خلاف ماخذ امتداده والجسم ما يرتسم من حركه السطح ارتفاعا وانحطاطا وستعلم انه مجرد تمثيل لا تحقيق فيه اما المتصل الذي لا يكون له قرار الذات فهو الزمان وتحقيق ماهيته واحكامه موكول إلى مباحث حركه لشدة تعلقه بها.
فظهر ان اقسام الكم المتصل أربعة الخط والسطح والجسم والزمان ومنهم من ظن أن المكان قسم خامس وهو باطل بل هو قسم من السطح مع اضافه إلى المحوى عند القائلين بكونه سطحا وسيأتي تحقيق القول بالمكان واما الكم المنفصل فهو العدد اما كميته فلكونه لذاته معدودا بواحد فيه أو ليس فيه واما انه ينفصل فلانه ليس بين اجزائه حد مشترك فإنك إذا قسمت الخمسة إلى ثلثه واثنين لم تجد حدا مشتركا بينهما والا فإن كان منها بقي الباقي أربعة وإن كان من الخارج كانت الجملة ستة ومن المحال ان يوجد كم منفصل غير العدد لان المنفصل قوامه من المتفرقات وقوامها من المفردات وهي آحاد وكل منها واحد فالواحد اما ان يؤخذ من حيث هو واحد أو يؤخذ بأنه شئ معين كانسان أو مثلث وذلك الشئ واحد والوحدة نفس الواحد بما هو واحد لا بما هو ذو خصوصية إذ لا مدخل للخصوصية في كون الشئ واحدا كما علمت في باب الوجود فلا شك في أن الوحدات
Page 14
هي التي يتألف منها لذاتها كمية منفصله وكم منفصل لذاته يكون ما عدده مبلغ تلك الوحدات دون الحوامل للوحدات فهي حامله للعدد بالعرض كما أن كلا منها واحد بالعرض.
وبهذا التحقيق ظهر فساد مذهب من ظن أن القول كم منفصل وجعل الكم المنفصل جنسا لنوعين قار وهو العدد وغير قار وهو القول واستدل عليه بان القول مركب من المقاطع ويتقدر بها وهي اجزاء له وكل ذي جزء مقدر بجزئه وهو كم والخطا في الكبرى فإنه ليس كلما يتقدر بجزء فهو كم بالذات بل يجوز ان يكون له حقيقة أخرى وقد عرض له اما مقدار أو عدد وصار له بسببه جزء يعده والمقطع الحرفي ليس جزئيته الا لأنه واحد والقول كثير فله خاصية الكمية لكونه ذا كثره لا لذاته كما أن للمقطع خاصه الوحدة لكونه ذا وحده فإذا لم يلتفت إلى العارض والتفت إلى ذاته من حيث هي كيفية محسوسة لم يكن القول كمية ولا كما ولا المقطع وحده ولا واحدا والا لكانت الأشياء كما بالذات وواحدا بالذات واما الثقل والخفة فالذي غرهم في تكممهما أمران أحدهما قبولهما للمساواة وعدمها والثاني قبولهما للتجزية وكلاهما باطل اما الأول فلان المساواة في الكم هو ان يفرض لشئ حد ينطبق على حد شئ آخر وينطبق كليته على كليه الاخر فان انطبق الحدان الآخران قيل له انه مساو وان لم ينطبق قيل لأحدهما انه زائد وللآخر انه ناقص وهذا مما يستحيل ثبوته فيهما لان الثقل قوة محركه اما طبيعية وهي من باب الجوهر أو الميل الذي هو العلة القريبة للحركة وهو من باب الكيف ومحال ان يقع شئ تحت مقولتين بالذات بل لا بد ان يكون أحدهما بالعرض واما الثاني فلان قبول التجزية كما يقال ثقل هذا نصف ثقل ذاك (1)
Page 15
هو بسبب ان حركته في الزمان في نصف المسافة التي للاخر أو في المسافة في نصف الزمان للاخر فعروض هذا المعنى بسبب تأثيره في حركه المتعلقة بالمسافة والزمان فصل NoteV01P016N04 في تقسيم آخر للكم وهو التقسيم إلى ذي وضع وغير ذي وضع الوضع يطلق على معان ثلثه أحدها كون الشئ مشار إليه بالحس بالفعل أو بالقوة والإشارة تعيين الجهة التي يخص الشئ من جهات هذا العالم كما في الشفاء وبهذا المعنى للنقطة وضع وليس للوحدة وضع وثانيها معنى أخص من هذا المعنى وهو كون الكم بحيث يمكن ان يشار إليه في جهة وثالثها معنى يشتمل عليه مقولة من التسع وهو حاله الجسم من جهة نسبه اجزائه بعضها إلى بعض في جهاته وهذا الوضع لا يقال بالحقيقة الاعلى الجواهر المادية والمعنى الثاني فصل الكم وكأنه منقول من المعنى الثالث الذي هو جزء المقولة فكأنه لما كان وضع الجسم الذي هو من باب الجوهر انما هو بسبب حال اجزائه بعضها عند بعض ظن أن ذلك امر يقارنه إذا اعتبر في الجسم الذي من باب الكم وان لم يكن الجسم الذي من باب الكم ولا السطح ولا الخط يجب له بذاته الجهات والمكان لكن الجسم التعليمي له اجزاء بالقوة لها اتصال وترصيف (1) والى كل منها إذا فرض موجودا إشارة انه أين هو من صاحبه وكذا السطح والخط فهذا المعنى كالمناسب
Page 16
لذلك المعنى فسمى باسمه وإذا علمت ذلك فنقول الكم اما ان يكون ذا وضع أو لا يكون والكم ذو الوضع ثلثه الخط والسطح والجسم والباقي غير ذي وضع اما الزمان فظاهر لعدم الاقتران بين اجزائه واما العدد فلعدم اتصال اجزائه مع أنها ثابته وتوهم بعضهم ان الجسم المتحرك لا وضع له.
والشيخ أبطل هذا الوهم بأنه ان عنى الوضع الذي من المقولة فربما أوهم صدقا وليس كذلك فإنه فرق بين ان لا يكون للشئ وضع وبين ان لا يكون له وضع قار كما أنه فرق بين ان لا يكون في أين وبين ان لا يكون في أين قار وكما أن حركه عند التحقيق لا تخرج الجسم عن أن يكون الجسم ذا أين وان أخرجته عن أن يكون ذا أين قار فكذلك حال حركه بالقياس إلى الوضع لكن الوضع الذي يعتبر في مقولة الكم غير ذلك الوضع وهو غير متغير ولا متبدل في الجسم المتحرك وان تحرك فان حركه لا يعدم شيئا من شرائط هذا الوضع الذي هو في الكم فان نسبه اجزائه بعضها إلى بعض بالقرب والبعد محفوظه وان كانت حركه لا تحفظ نسبه الاجزاء إلى جهات العالم ومن عاده القوم ان يذكروا هيهنا معاني الطول وهي خمسه ومعاني العرض وهي أربعة ومعاني العمق وهي أيضا أربعة لكن اخرنا ذكرها إلى مباحث الجسم الطبيعي لدقيقه وهي انه ان أريد بالطول والعرض والعمق المعنى الأول أعني نفس الامتدادات فهي كم بالذات من نوع الخط وراجعه إليه وان أريد سائر المعاني فهي كميات مأخوذة مع إضافات لا تخرج مفهوماتها عن أمور طبيعية فذكرها في مباحث الجسم الطبيعي أولى فصل [5] فيما ليس بكم بالذات وانما هو بالعرض وهو على وجوه أربعة فأولها ان يكون أمرا موجودا في الكم مثل الأمور التي عددناها وثانيها
Page 17
ان يكون الكم موجودا فيه وذلك اما متصل أو منفصل فالمنفصل يوجد في المفارقات والماديات واما المتصل فيوجد في الماديات وهو ظاهر وفي المفارقات عند من ذهب إلى أن في الوجود عالما مقداريا غير هذا العالم المادي وقد يكون المتصل بالذات متصلا ومنفصلا بالعرض كالزمان مثلا متصل بالذات وبالعرض من جهة المسافة ومنفصل بالعرض بحسب انقسامه إلى الساعات والأيام إذ لا امتناع في كون الشئ تحت مقولة ثم يعرض له شئ من تلك المقولة واما المتصل الغير القار بالعرض فهو كالحركة ولذلك يوصف بأوصاف المقادير من الطول والقصر والمساواة واللا مساواة من جهة الزمان وقد يوصف بهذه الأوصاف من جهة المسافة أيضا و ثالثها ما يكون كميته بسبب حلوله في المحل الذي حصل له الكم كما يقال للسواد انه طويل وعريض وعميق بسبب حصوله في محل في الكم ورابعها ان يكون قوى مؤثرة في أشياء يقال عليها الكم بالذات فيقال لتلك القوى انها متناهية أو غير متناهية لا لان نفس القوة كذلك بل باعتبار اختلاف ظهور الفعل عنها شده أو عده أو مده والفرق بين اعتبار الشدة والمدة من وجهين أحدهما ان الزيادة في الشدة يوجب النقصان في المدة والثاني ان الذي يتفاوت فيه القوى بحسب الشدة ربما لا يتفاوت فيه بحسب المدة.
إذا وقع الفراغ عن تعريف الكم وأقسامه الأولية فلنشرع في ذكر احكامه وأقسامه فصل [6] في أن الكم لا ضد له اما المنفصل فلوجوه ثلثه أحدها ان كل عدد يقوم الأكثر منه ويتقوم بالأقل منه والضدان لا يقوم أحدهما الاخر ولا يتقوم به وثانيها انه لا يوجد بين عددين غاية الخلاف لكونهما غير واقف إلى حد لا يقبل الزيادة والاثنان وإن كان في غاية الخلاف بالقياس إلى الألف مثلا لا يكون ضده لان التضاد من الجانبين
Page 18
لكن الألف ليس ضدا له لأنه ليس في غاية البعد منه وثالثها ان اتحاد الموضوع القريب والتعاقب عليه شرط المتضادين وليس العدد كذلك فان الثلاثة مثلا عبارة عن جميع وحدات يتقوم صورتها باجتماع وحده ووحده ووحده ويستحيل عروض الاثنينية لموضوعها القريب بعينه الا بان يفسد والا فموضوع الاثنينية غير موضوع الثلاثة واما المتصل فليس المقادير الثلاثة الأجسام والسطوح والخطوط بعضها مضادا للاخر لثلثه براهين أيضا الأول ان كلا منها اما قابل للاخر أو مقبول له والمقبول لا بد وان يتقوم بالقابل فكيف يكون ضده والثاني انه لا يوجد مقدار في غاية البعد عن الاخر والثالث ان موضوعها القريب ليس متحدا.
شكوك وإزالات س: الزوجية كمية مضاده للفردية ج انها ليست من باب الكم لعدم قبولها المساواة والقسمة لذاتها بل هي من باب الكيف ولأن الفردية ليست وجودية لأنها عدم الزوجية (1) فالتقابل بينهما بالعدم والملكة دون التضاد ولأن موضوعهما ليس واحدا.
س: الاستقامة والانحناء كميتان متضادتان ج هما من باب الكيف وأيضا هما فصلان لا يمكن تبدل أحدهما بالآخر الا بتبدل المحل فالخط المستقيم لا يصير منحنيا الا بانعدام السطح الذي فيه فلا يمكن تعاقبهما على محل وهو شرط التضاد.
س المتصل ضد المنفصل مع أنهما كميتان ج هما فصلان لنوعي الكم والفصل لا يندرج تحت جنسه بحسب المهية وان اندرج تحته بالوجود فلا يكون من اقسام الكم بالذات بل بالعرض على أن أحدهما عدمي إذ الانفصال عدم الاتصال عما
Page 19
من شانه ان يكون متصلا بحسب نوعه كالعناصر أو بحسب جنسه (1) كالفلك.
س المساوي ضد المتفاوت والعظيم ضد الصغير والكثير ضد القليل وكلها كميات ج هذه إضافات في كميات لا انها في أنفسها ومهياتها كميات على أن أمثال هذه المعاني يستحيل عروض التضاد لها كما ستعلم في باب المضاف.
س المكان الاعلى ضد المكان الأسفل ج موضوعهما القريب ليس واحدا بالذات وامتنع تعاقبهما على موضوع واحد نعم الحصول في الفوق والحصول في السفل متضادان وهما غير المكان وأيضا المكان بما هو مكان ليس بفوق ولا تحت لأنهما إضافتان فالفوق بالقياس إلى ما تحته وكذلك العكس والأمور الإضافية امتنع عروض التضاد لها فصل NoteV01P020N07 في أن الكم لا يقبل الاشتداد والتضعف قالوا الفرق بينهما وبين الازدياد والنقص بوجهين أحدهما ان الزائد على شئ في الكم يمكن ان يشار فيه إلى مثل وزيادة والأشد من آخر في الكيف لا يمكن فيه ذلك.
أقول ولاحد ان يجيب عنه بان هذا الفرق بحسب اختلاف الموضوع لهما في حد نفسه فان الكم في حد نفسه بحيث يمكن ان يشار فيه إلى شئ وشئ آخر متباين له في الوجود أو الوضع والكيف ليس كذلك ثم إن فضيلة شئ على آخر من نوعه أو جنسه يجب ان يكون بشئ من بابه فلا جرم كان الأفضل في الكم بأمر متميز في الإشارة بخلاف الأفضل في الكيف لا لان طبيعة الاشتداد اقتضت ذلك
Page 20
الثاني ان التفاوت بالأزيد والأنقص غير منحصر والتفاوت بالأشد والأضعف منحصر بين طرفي الضدين فان بينهما غاية الخلاف.
أقول وهذا أيضا فرق بحسب معنى خارج عن الازدياد والاشتداد بل هذا امر راجع إلى مهية الكم ومهية الكيف حيث لا ينتهى أحدهما في الزيادة وينتهي الاخر فيها مع أن الزيادة معنى واحد فيهما جميعا اللهم الا ان يصطلح بان يسمى أحد الاستكمالين بالزيادة وثانيهما بالاشتداد فيكون مجرد تسميه.
قال الشيخ في الشفا بعد أن حقق ان لا تضاد في الكم وكذلك ليس في طبيعته تضعف واشتداد ولا تنقص وازدياد لست أعني بهذا ان كمية لا تكون أزيد من كمية أو انقص ولكن أعني ان كمية لا تكون أشد وأزيد في أنها كمية من أخرى مشاركه لها ولا خط أشد خطية أي أشد في أنها ذو بعد واحد من آخر وإن كان من حيث المعنى الإضافي أزيد من آخر أعني الطول الإضافي.
أقول وهكذا حال الكيف عندهم فان سوادا لا يكون أشد في أنه سواد من آخر لكن وجود هذا أشد وأكمل من وجود ذاك كما أن وجود الخط الطويل أكمل من القصير فالتفاوت في مثل هذه الأمور يرجع إلى اختلاف حال الوجودات دون المهيات عندنا والوجود بذاته أشد واضعف وأتم وانقص كما علمت.
واعلم أن هذين الوضعين أعني نفى التضاد ونفى الاشتداد والتنقص ليسا من خواص الكم فان الجوهر لا ضد له وكذا بعض اقسام الكيف لا ضد له وانما الخواص المساوية للكم هي الثلاثة المذكورة أولا وخاصة رابعه وهي قبول النهاية واللا نهاية فلنتكلم فيه فصل [8] في اثبات تناهى الابعاد وعليه براهين كثيرة نذكر منها ثلثه الأول وهو المعول عليه انه لو وجد ابعاد غير متناهية لاستحال وجود
Page 21