وفي اتساق محكم متسلط إلى أيامنا الماثلة، يقف مشهرا كل أسلحة دفاعاته عن البنية الاجتماعية الطبقية اليوم والآن، بنفس ما كانه هذا التراث بالأمس المنقضي الذي قد يصل إلى عشرات من قرون الهوان أو الوهم.)
مقدمة ثالثة
الجمع الميداني البارد للخرافات وممارساتها
ويبدو الأمر أكثر صعوبة إذا ما تصورنا أن الأغراض والنشاطات والمواد والأعضاء التي يمكن للتصنيف أن يشملها قد تستغرق كل ما هو عضوي ومعنوي ولا عضوي من شئون الحياة وما بعد الحياة.
وعلى هذا فإضافة إلى ما ذكر، ويمكن للجامع اليقظ ملاحظته وعدم إهماله، مما لا يزال متواترا حول فولكلور ومأثورات النبات والأشجار وألف بائها، ثم المعادن خاصة الحديد والذهب؛ يجيء الدور على الأحجار من كريمة ونصف كريمة،
1
وعلاقتها بالنسبة للمعتقد الشعبي وكلا جانبيه الروحي الإنيزمي والطبي، من منع للحسد وشرور العين، وطرد للأوجاع، وجلب للرزق، فما إن يضع حامل الحجر العقيق في الخاتم يده في الماء حتى تتسارع إليه فلول السمك أو الرزق، كما أن هناك أحجارا من خصائصها اتقاء بعض الأمراض ومنها ضربة الدم، ومنها ما يتصل بالحمل وشعائره وأشهره التسعة والولادة وحماية الطفل الوليد، وشعائر انتقالات أطوار عمره من فطام ومشي وطهور.
وحكى لي تاجر أحجار وأنتيكات قديمة أنه احترف تجارته هذه بعد أن شهد بعينيه تأثير الأحجار الكريمة؛ فقد كان يعمل حلاقا يمارس عمله بموساه ذات مرة في ذقن زبون، إلى أن توقف الموسى في يده لا يتقدم مهما سنه وجلخه، إلى أن شد بصره حجر مشع في يد الزبون، فطلب منه خلع خاتمه، وما إن أبعده حتى مشى الموسى حادا على وجه الزبون. وقس على هذا آلاف الحكايات والمأثورات التي قد تسهم في إقامة آجرومية عربية للأحجار، سواء ما يتصل بأغراض تزين نسائية ورجالية ، أو حول الشعائر الدينية، ومنها المسبحة والتبرك بالأحجار وأغراضها وقواها الدفينة.
كما لا يجب هنا إغفال «عقد شمه» الإلهة الأم السالفة للقبائل القمرية- الهلالية، ودوره المحوري في السيرة، خاصة الريادة.
ولا يغفل هنا أيضا تقديس الأحجار الأصنام - كملمح سامي جاهلي - حتى الحجر الأسود المعروف بحجر إسماعيل «أبو العرب».
Unknown page