وكذا بقية خوارق موسى مع قارون، حين أمر الأرض بابتلاع قصر قارون وثروته التي تسد عين الشمس وإطاعة الأرض لأمره، حين واجهه مشيرا: «يا أرض خديه.» فأغرقت الأرض قارون وقصره وضياعه.
وتعد المنوعات الأكثر قدما السومرية والبابلية لملحمة جلجاميش من أقدم النصوص المغرقة في هذه التضمينات والألغاز، خاصة خلال تجوال جلجاميش أو قلقاميش - كما تسميه العرب - في العالم السفلي؛ حيث ظل اثنتي عشرة ساعة مضاعفة يتجول دائما في الظلام، وقاوم النوم ستة أيام وسبع ليال، بحثا عن الخلود الذي يبدو أنه مرادف التيقظ.
حتى إذا ما وصل ذلك البطل السامي جلجاميش إلى كبير الآلهة «أو تونبشتم»، تعرض للكثير من الامتحانات، منها وضع سبعة أرغفة على رأسه، «وأن يعجن الرغيف السابع، ويشكل السادس، ويبلل الخامس، ويترك الرابع يختمر، ويحمر الثالث، ويشوي الثاني، ويعد الأول للأكل وهو على رأسه».
9
ويبدو أن طرح مثل هذه الألغاز والحزور - التي عادة ما يصادفها أبطال الحكايات الخرافية - كانت بمثابة حيلة لتعطيل البطل، لكن كثيرا ما يلجأ البطل ذاته إلى طرحها على ما يتهدده من مردة وعفاريت وجان وأعوان ليعجزهم.
وتكثر في حكاياتنا العربية جزئيات مقاومة النوم، بل يلاحظ أن كثيرا من حكايات الشطار المصرية والشامية، يلجأ فيها أصغر الشطار الثلاثة - الموعود بحل اللغز - إلى جرح نفسه ليظل معانيا صاحيا متيقظا.
وتحفل الحكايات الهندية بشكل خاص بالمضمون القائل بأن «من يعجز عن حل اللغز يفقد حياته». وفي حكاية هندية من هذا النوع يكون اللغز الذي يطرحه الملك على راغبي الزواج من ابنته الأميرة الجميلة؛ عبارة عن دميتين خشبيتين لهما نفس الشكل والحجم والإيقاع، والمطلوب التفريق بينهما، وحين يتقدم ولد فقير صبي خياط أو حائك، يفشل طويلا في حل لغز الدميتين المتشابهتين بالحجم الطبيعي إلى أقصى حد، إلى أن ينتبه في النهاية إلى أدوات مهنته، فيستخرج إبرتين يسقطهما في أذن إحدى الدميتين فتستخرجهما من فمها؛ أي إنها لا تحفظ السر وتصونه كوخز الإبر في أعماقها، لكن ما أن يسقط إبرتيه في أذن الدمية الثانية، فإنها تحتفظ بهما دون أن تلفظهما من فمها، بمعنى أنها تكتم السر، وأنها هي الدمية الفاضلة القادرة على الكتمان وحفظ السر.
وعلى هذا النحو اخترق صبي الحائك اللغز باستخدامه فقط لأدواته أو «كاره»؛ مهنته واستعداده.
وعادة ما يطرح اللغز أو الحزر في اجتماعات احتفالية جماهيرية أشبه بساحات المدن والقصور، من ذلك منازلة جلجاميش لخصمه أنكيدو أمام بيوت العرائس، والمقصود بها ساحات المعابد العشتروتية للبغايا المقدسات.
وفي نص «كنزرامبسيت»
Unknown page