وفي حكاية سودانية ثانية - ود النمير - يطلب المنجم من الزوجة العاقر صحنا من عظام الموتى لتشربه زوجة ود النمير، لكن ما إن يقع المحظور ويشرب زوجها من المعلاق بدلا منها، حتى يحمل في وركه.
كذلك يمكن التعرض لجزئية قاتل التسعة والتسعين الموعود بأن يصل بضحاياه إلى المائة، حتى إنه في بعض النصوص؛ ملحمة النبوت، التي سأنشرها بكاملها في الجزء التالي المخصص للملاحم والسير العربية، يذهب قاتل التسعة والتسعين إلى المقابر ليزرع نبوته، فإذا اخضر في اليوم التالي اتخذ طريقه بعد الموت إلى الجنة، ولكن ما أن يفاجأ داخل المقبرة برجل إنسي شبق ينكح جثة لامرأة جميلة دفنت حديثا، فيقتله بنبوته مكملا المائة ويزرع نبوته ويفاجأ باخضراره؛ أي إن حسنة القتيل الأخير المائة ذهبت بسيئاته التسع والتسعين السابقة عليها.
كما يلاحظ بالطبع الجانب الوحشي أو الهمجي الدافع إلى القتل، سواء من المدخل السالب للقدرية والدهرية كملمح سامي، وبتحديد أكثر عربي إسلامي.
وتأكيدا لما سبق أن أوضحه المنهج الجغرافي التاريخي ، يمكن ملاحظة خاصية انقسام الجزئيات أو الموتيفات التي تشكل بنية حكاية قاتل التسعة والتسعين السورية هذه، إلى ما لا نهاية له من الجزئيات، فتناول رماد وعظام الموتى يسبب الحمل حتى ل «ود النمير» في وركه.
ويولد الطفل الموعود، كابن حرام، لينطق بالحكمة في المهد، بل هو يكمل قدر أبيه الذي هو الرماد المحترق الذي استنشقته الأم، فهو إذن - أي الرماد المحترق - في موقع الأب، والذي ما هو سوى قاتل
5
لتسع وتسعين نفسا.
وهكذا تتوالى الجزئيات مثل: رؤيا الملك، اللغز، الزوجة الخائنة، تنكر الخادم العشيق، بديل الملك، عدالة القتل، تمجيد القاتل، أو القاتل الصالح، ناهيك هنا عن المقولة الطبقية الاجتماعية للطفل بديل الملك والمغتال في ذات الآن، حفاظا على التاج والتسلط.
وفي إحدى الملاحم الشعرية الغنائية ينتهي به - أي قاتل التسعة والتسعين - المطاف إلى الجنة، وفي عديد من النصوص العربية الوعظية والتعليمية يتبادل مكانه كقاتل وشرير مع نقيضه الخير الصالح.
6
Unknown page