Hikayat Andersen Majmuca Ula
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Genres
قال الصبي: «أعتقد أنه زال.» لكنه لم يزل؛ فقد كانت إحدى شظايا المرآة المكسورة - تلك المرآة السحرية التي كنا قد تحدثنا عنها - المرآة القبيحة التي تجعل كل شيء ضخم وحسن يبدو صغيرا وقبيحا، بينما يصبح كل ما هو خبيث ورديء أكثر وضوحا، وكل خطأ صغير ظاهرا للعيان. كذلك أصيب كاي الصغير المسكين بشظية صغيرة في قلبه، الذي تحول سريعا جدا إلى كتلة من الجليد. لم يشعر كاي بمزيد من الألم لكن ظلت شظيتا الزجاج في مكانهما. وقال أخيرا: «لماذا تبكين؟ إن هذا يجعلك تبدين قبيحة. إنني على ما يرام الآن.» ثم صاح فجأة قائلا: «أوه، يا للقرف! تلك الوردة أكلتها الديدان، وهذه الوردة معوجة تماما. إنها ورود قبيحة على أي حال، تماما مثل الصندوق التي زرعت فيه.» ثم ركل الصندوقين بقدميه وقطف الوردتين.
صاحت الفتاة الصغيرة قائلة: «عجبا يا كاي، ماذا تفعل؟» وحين رأى كما هي حزينة قطف وردة أخرى وقفز من نافذته للداخل، بعيدا عن جيردا الصغيرة الرقيقة.
حين أخرجت فيما بعد الكتاب المصور قال لها: «إنه لا يناسب إلا أطفالا ما زالوا في المهد.» وحين كانت الجدة تحكي قصصا كان يقاطعها ليعارض ما تقوله، أو يقف أحيانا وراء مقعدها حين كان يمكنه ذلك ويضع على عينيه نظارة، ويقلدها بمهارة شديدة ليجعل الناس يضحكون. وبالتدريج، بدأ يقلد طريقة حديث الناس في الشارع ومشيهم. فكان يقلد كل ما هو غريب أو مكروه في الشخص في الحال، وكان الناس يقولون: «ذلك الصبي سيصير ماهرا جدا؛ إنه عبقري عبقرية جديرة بالاهتمام.» إلا أن ما جعله يتصرف على هذا النحو هو قطعة الزجاج التي في عينه والجمود الذي في قلبه. بل إنه كان حتى يثير غيظ جيردا الصغيرة التي كانت تحبه من كل قلبها.
حتى لهوه صار أيضا مختلفا تماما؛ فلم يعد مثل لهو الأطفال. وذات يوم من أيام الشتاء بينما كانت الثلوج تتساقط، أحضر عدسة حارقة، ثم رفع طرف معطفه الأزرق حتى تسقط عليه ندف الثلج.
ثم قال لجيردا: «انظري من خلال هذه العدسة يا جيردا.» فرأت كيف صارت كل واحدة من ندف الثلج مكبرة لتبدو مثل زهرة جميلة أو نجمة لامعة.
فقال لها كاي: «أليس في هذا جمال ومتعة أكبر كثيرا من النظر إلى زهور حقيقية؟ فلا يوجد فيها عيب واحد. تظل ندف الثلج في أفضل حال حتى تبدأ في الانصهار.»
بعد هذا بقليل ظهر كاي مرتديا قفازا كبيرا سميكا وعلى ظهره زلاجته. ونادى على جيردا وقال: «لقد حصلت على الإذن بالذهاب إلى الميدان الكبير، حيث يلعب الصبية الآخرون ويركبون الزلاجات.» ثم رحل.
في الميدان الكبير كان الأكثر جرأة من بين الصبية عادة ما يربطون زلاجاتهم بعربات سكان القرية وبهذا يحصلون على جولة، وهو ما كان أمرا رائعا. لكن بينما كانوا يلهون، ومعهم كاي، جاءت زلاجة كبيرة مطلية باللون الأبيض، جلس فيها شخص ما متلفعا بفراء أبيض خشن ومعتمرا قبعة بيضاء. دارت الزلاجة حول الميدان مرتين، وربط كاي زلاجته الصغيرة بها، وبهذا رحل معها حين رحلت. انطلقت أسرع فأسرع عبر الشارع التالي، واستدار الشخص الذي يقودها وأومأ رأسه بود لكاي كأنهما على معرفة وثيقة ببعضهما؛ لكن كلما ود كاي أن يفك زلاجته الصغيرة التفت قائد الزلاجة وأومأ برأسه ليشير بأن عليه البقاء، فجلس كاي ساكنا، ثم انطلقا خارجين من بوابة البلدة.
ثم راح الثلج يتساقط بغزارة شديدة حتى إن الصبي الصغير لم يستطع أن يرى أبعد من شبر أمامه، لكنهما ظلا منطلقين بالزلاجتين. وفجأة حاول الصبي فك الحبل حتى تذهب الزلاجة الكبيرة من دونه، لكن دون جدوي؛ فقد كانت زلاجته مربوطة بإحكام، وانطلق الاثنان مثل الريح. أخذ يصيح بصوت عال، لكن لم يسمعه أحد، في حين ظل الثلج يتساقط عليه والزلاجة منطلقة. وكانت من حين إلى آخر تقفز، كما لو كانا يعبران فوق أسيجة وحفر. حل الخوف بالفتى فحاول أن يتلو صلاة، لكنه لم يستطع أن يتذكر أي شيء سوى جدول الضرب.
صار حجم ندف الثلج أضخم فأضخم، حتى بدت مثل طيور بيضاء ضخمة. وإذ فجأة قفزت جانبا، وتوقفت الزلاجة الكبيرة، ونهض الشخص الذي كان يقودها. سقط الفراء والقبعة اللذان كانا مصنوعين بالكامل من الثلج، فرأى سيدة، طويلة وبيضاء، وكانت هي ملكة الثلج.
Unknown page