وعليكم يابني بذكر خالقكم وبارئكم فإن ذلك مما يحق له سبحانه عليكم، وذكركم له بالليل والنهار، فعمل صالح لم يزل من أعمال الأبرار، ومن الأولى بأن يذكر ولا ينسى، وأن يثنى عليه ويسبح في الصباح والمساء ممن خلقكم وفطركم بعد إذ لم تكونوا شيئا، ومن لولاه تبارك وتعالى ما كان أحد منكم حيا، ومن يغذوكم في كل حين برزقه ونعمه، ويجود عليكم بفضله وكرمه، فنعمه عليكم تروح وتغدوا متصلة، فمن أولى منه جل جلاله سبحانه بأن لا تكون أنفسكم عن ذكره غافلة، فاحمدوه وكبروه وسبحوه فأكثروا ذكره بالغدو والآصال، فإن ذكره وتسبيحه وتكبيره من صالح الأعمال، فإن([48]) يقول سبحانه لعباده المؤمنين، وهو يأمرهم أن يكونوا له من الذاكرين، إذ لا يرضى لعباده أن يكونوا عصاة كافرين، بل الذي يرضى لهم أن يشكروه وهو أشكر الشاكرين، فقال سبحانه لعباده المؤمنين: {ياأيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا(41)وسبحوه بكرة وأصيلا(42)}[الأحزاب:42]، وقال تبارك وتعالى: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}[البقرة: 152]، وقال سبحانه في الذكر وأمر عباده به في السفر والحضر وبعد إفاضتهم من عرفات، وبعد الوقوف له يوم الحج الأكبر: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين(198) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم(199)فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءاباءكم أو أشد ذكرا} [البقرة: 198 200] فأمرهم تبارك وتعالى بعد قضاء مناسكهم بذكره وأن لا يدعوا ذكره في سائر سببهم وأن يكثروا من ذكره كما يكثرون أو أشد من ذكر آبائهم، وأمها تهم، وقال تبارك وتعالى يابني، وهو يأمر عباده بعد الصلاة له بذكره على كل حال من أحوالهم، قياما وقعودا وعلى جنوبهم {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}[النساء: 103]، وقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يأمره بتسبيحه وتكبيره في علانيته وسره: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} [الأعراف:205]، فأمره تبارك وتعالى بذكره على كل حال.
وذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر كتب الله له بها عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات))([49]).
Page 113