فالمنكرات بينهم لإكثارهم منها ولحاجتهم فيها معروفة، والقبائح لظهورها بينهم لا يستوحشون منها بل هي مألوفة، والغالب على كل مكان عند القرى والمدن السفساف والسفل الذين لا يستحيون من غي ولا ردى ولا من فضائح العمى، يبولون ويتغوطون على أبوابهم وفي أفنيتهم ولا يطهرون ما يسكنون من بيوتهم، ويكشفون في أفنيتهم وأزقتهم البول والخلاء ما أمروا به من ستر عوراتهم، فهم كالبهائم التي لا تنطق ولا تعقل، وكل من لم يتنح عنهم ويبعد منهم فهو مشارك لهم في سوء فعلهم، وآثم ظالم لنفسه في مجاورتهم والاختلاط بهم، لأن أقل ما لله عليه إذا لم يمكنه الإنكار على من يسخطه سبحانه ويعصيه فلم يستطع منهم من مساخط الله تبارك وتعالى أن يهاجر عنهم ويبعد عنهم في أوسع أرض الله تبارك وتعالى، قال في تنزيله ووحيه، وما عهد فيه إلى عباده محذرا في تركهم أمره ونهيه وهو يذكر من توفاه الملائكة ممن رضي من المستضعفين وغيرهم بمجاورة أهل الظلم والمعصية: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم} [النساء:97].
Page 57