ففي هذا يابني ما نبهكم وكفاكم، فالحذر من قليل شرب المسكر وكثيره، لما هو مسخوط محرم عند ربكم ومولاكم.
فالحذر يابني من المسكر قليله وكثيره، الحذر الحذر، فإنه حبالة إبليس التي أوقع بها من لا نظر له لنفسه من الخاصة والعامة في كل منكر وفجور وشر، ولو لم ينزل الله عنه نهيا ولا فيه تحريما لكان السكر والمسكر عند كل ذي لب عاقل منكرا عظيما لما يصير إليه من شربه من فقد عقله، والإفتضاح بذهاب فهمه وخبله، وكشف عورته والتمرغ في سلحه وبوله، مع ما هو أعظم من ذلك عظما، من إتيان الفجور عند السكر الذي جعله الله مسخوطا عنده محرما.
فلم أعلم والحمد لله لكم أبا ولا جدا إلى علي عليه السلام أعلمه يشرب قط نبيذا ولا مسكرا، بل كلهم يرى ذلك من أعظم الفواحش منكرا، ومن عظائمها وكبارها فسقا وخبثا وشرا، تولاكم الله يابني بالإنتهاء والإزدجار والحذر والإجتناب والإعتزال لكل ما أسخط خالقكم وربكم ذا الكبرياء والعزة والجلال، وسلمكم الله مما قد عم أهل زمانكم ودهركم من الشرور والحيرة والخذلان بارتكاب كبائر المعصية، وما يستبيحون بجهلهم وظلمهم لأنفسهم، وقلة يقينهم بما حذرهم الله من عقابه من المنكرات والفواحش المهلكة المردية.
Page 54