واعلموا يابني أن المرأة وإن حجبها زوجها غاية الحجاب، فربما غفل الزوج عن المملوك المحقور عنده اتكالا على ذلته وأنه يفرق منه ويخافه ويهابه، فيدعوه الإسترسال بمحقرة العبد والاتكال على ذلة المملوك وهيبته له بالملكة والرق أن يدخله على حرمه وامرأته، حتى يأنس بهن ويألفهن، ويأنسن به، وهو ذكر من الذكران، وقد ركب الله في طبع الإناث الصغو إلى الذكور، فيقع في غفلته عن الحذر للوغد والعبد ومحقرته له ما يكره من الأمور.
وكم وكم من امرأة شريفة جميلة حسينة قد دعاها دخول الوغد ومحقرته وألفه وإقباله عليها وإدباره إلى أعظم الريبة.
فلا يدخلن على ما تحجبون من نسائكم وحرمكم من تحتقرون من أوغاد العبيد، فإن ذلك إن فعلتموه لم يؤمن أن يسهل عليهن من محادثتهن لهم، وأنسهم بهن مما يدعوهن إلى المحذور المشقي الهائل الشديد.
فاحجبوا يابني عن نسائكم وحرمكم ذكران الرقيق المحقور منهم والغوي والرشيد، الفحول منهم والخصيان، فهم لا يؤمنون على داهية ولا فحشاء ولا عدوان، وإنما المرأة على ما جعلت عليه من وهنها وضعفها، ووليها ما لم تتق الله صاغية إلى الرجال لميلها وإلفها.
ولذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنه نهى الرجل عن الخلوة مع امرأة)) ([58])، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثالثهما الشيطان))، والغالب على الرجال والنساء الميل من الذكر والأنثى، والصغو من الأنثى إلى الذكر إلا من عصمه الله بالخشية والتقوى والبر.
Page 127