الحكم وإليه ترجعون ) (85) [القصص : 85] ، ولا يحكم (1) سبحانه في صغير من الأمور ولا كبير كما يحكم الذين لا يعلمون ، ولكنه يقضي الحق وهو خير الفاصلين ، ولا يغفل في الأشياء كغفلة الغافلين ، فيتناقض حكمه وأمره ، ويسوء بتناقض أو خلاف ذكره.
[مرض القلوب]
ثم دل سبحانه على خفي مرض قلوب الموالين ، لمن أمر بمعاداته وهجرته من الظالمين ، فقال سبحانه : ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ) (52) [المائدة : 52] ، فنبأ سبحانه بما كانوا يقولون ، وبإحباطه ما (2) كانوا يعملون ، وأنهم بموالاتهم لعدو المؤمنين ليسوا منهم ، وبين الله للمؤمنين ما كانوا يسترون من ذلك عنهم ، فأما ما ذكر الله من مسارعتهم فيهم ، فهو [ما] كان بينا غير مستور يرونه (3) بمعاملتهم لهم ومصيرهم إليهم ، مقبلين في كل وقت ومدبرين عليهم ، ألا تسمعون (4) لقول الله سبحانه ( فترى )، ولا يرى صلى الله عليه إلا ما كان له معاينا مبصرا ، فأما مرض قلوبهم ، وما (5) كانوا يخفون من عيوبهم ، في الشك والارتياب والحيرة ، وما كانوا عليه للدنيا (6) من الحب والأثرة الكبيرة ، فإنما يتبين عند ما يأتي به الله المؤمنين من النصر والفتح ، فعند ذلك بالحسرة والندامة يفتضح من المرتابين كل مفتضح : ف ( يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين
Page 247