Hidāyat al-ḥayārā fī ajwibat al-Yahūd waʾl-Naṣārā
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
Editor
محمد أحمد الحاج
Publisher
دار القلم- دار الشامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
Publisher Location
جدة - السعودية
Genres
Creeds and Sects
[المسألة الثالثة]
(فَصْلٌ): قَالَ السَّائِلُ: مَشْهُورٌ عِنْدَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ نَبِيَّكُمْ كَانَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَكِنَّهُمْ مَحَوْهُ عَنْهُمَا لِسَبَبِ الرِّئَاسَةِ وَالْمَأْكَلَةِ، فَالْعَقْلُ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ، أَفَكُلُّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى مَحْوِ اسْمِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ رَبِّهِمْ شَرْقًا وَغَرْبًا جَنُوبًا وَشَمَالًا؟! هَذَا أَمْرٌ يَسْتَشْكِلُهُ الْعَقْلُ أَعْظَمُ مِنْ نَفْيِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَمَّا قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالرُّجُوعُ عَمَّا مَحَوْا أَبْعَدُ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اسْمَ النَّبِيِّ ﷺ الصَّرِيحَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ بِالْعَرَبِيَّةِ مَذْكُورٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ - وَهُمَا الْكِتَابَانِ الْمُتَضَمِّنَانِ الشَّرِيعَتَيْنِ - وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْتَقِدُونَ: أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ مَحَوْا ذَلِكَ الِاسْمَ وَأَسْقَطُوهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الْكَنَائِسِ، وَتَوَاصَوْا بِذَلِكَ بُعْدًا وَقُرْبًا، وَشَرْقًا وَغَرْبًا. وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَخْبَرَ اللَّهُ ﷾ بِهِ فِي كِتَابِهِ عَنْهُمْ، وَلَا رَسُولُهُ، وَلَا بَكَّتَهُمْ بِهِ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ، وَلَا عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ، وَلَا الْمُعْتَنُونَ بِأَخْبَارِ الْأُمَمِ وَتَوَارِيخِهِمْ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَالَهُ بَعْضُ عَوَامِ الْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُ بِهِ نَصْرَ الرَّسُولِ، فَقَدْ قِيلَ: يَضُرُّ الصَّدِيقُ الْجَاهِلُ أَكْثَرَ مِمَّا يَضُرُّ الْعَدُوُّ الْعَاقِلُ. وَإِنَّمَا أُتِيَ هَؤُلَاءِ مِنْ قِلَّةِ فَهْمِ الْقُرْآنِ، وَظَنُّوا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ
1 / 296