131

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Investigator

محمد أحمد الحاج

Publisher

دار القلم- دار الشامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Publisher Location

جدة - السعودية

Genres

Theology
فِي مَشْرِقِ الْأَرْضِ وَمَغْرِبِهَا أَعْظَمَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْكِتَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، كَمَا يَظْهَرُ نُورُ الشَّمْسِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا إِذَا اسْتَعْلَتْ وَتَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى سِرَاجًا مُنِيرًا، وَسَمَّى الشَّمْسَ سِرَاجًا وَهَّاجًا، وَالْخَلْقُ يَحْتَاجُونَ إِلَى السِّرَاجِ الْمُنِيرِ أَعْظَمَ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، وَأَمَّا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ فَيَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ﷾ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ الثَّلَاثَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي بُعِثَ مِنْهَا الْمَسِيحُ، وَأُنْزِلَ فِيهَا الْإِنْجِيلُ وَطُورِ سِينِينَ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى ﵊ تَكْلِيمًا، وَنَادَاهُ مِنْ وَادِيهِ الْأَيْمَنِ مِنَ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ فِي الشَّجَرَةِ الَّتِي فِيهِ، وَأَقْسَمَ بِـ الْبَلَدِ الْأَمِينِ وَهُوَ مَكَّةُ، الَّتِي أَسْكَنَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ فِيهِ وَهُوَ فَارَانُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَمَّا كَانَ مَا فِي التَّوْرَاةِ خَبَرًا عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ، فَقَدَّمَ الْأَسْبَقَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِهِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا، وَإِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَآيَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَأَقْسَمَ بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّدْرِيجِ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ، فَبَدَأَ بِالْعَالِي، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى أَعْلَى مِنْهُ، ثُمَّ أَعْلَى مِنْهُ، فَإِنَّ أَشْرَفَ الْكُتُبِ الْقُرْآنُ، ثُمَّ التَّوْرَاةُ، ثُمَّ الْإِنْجِيلُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ الثَّلَاثَةُ.
(فَصْلٌ): وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ تَأَمَّلَ التَّوْرَاةَ وَجَدَهَا نَاطِقَةً بِهِ صَرِيحًا فِيهِ، فَإِنَّ فِيهَا " وَغَدَا إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ الْغُلَامَ وَأَخَذَ خُبْزًا وَسِقَاءً مِنْ مَاءٍ

2 / 347