206

بذلك في أفعال الله حيث إنه تعالى أيضا خلق الأشياء بالمشيئة والاختيار ، ولا فارق في البين ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به ، ولا يقول به الأشعري.

ومنها : أن الأفعال بين واجب وممتنع ، إذ الإرادة الأزلية له تعالى إما تعلقت بها فهي واجبة ، أو لم تتعلق بها فهي ممتنعة ، وإلا لزم أن تكون إرادة العبد غالبة على إرادة الله ، وهو باطل بالضرورة.

وهذه الشبهة نشأت من جعل إرادته تعالى من صفات الذات ، وهو المعروف بين جملة من الفلاسفة وهو باطل ، بل هي من صفات الفعل.

بيان ذلك : أن صفات الذات كما عرفت هي ما لا يمكن نفيها عنه تعالى بوجه من الوجوه ، كالقدرة والعلم حيث إنهما لا يمكن نفيهما عنه تعالى ، إذ هو تعالى قادر إذ لا مقدور ، وعالم إذ لا معلوم.

وأما الإرادة فيمكن نفيها عنه تعالى كما في التنزيل ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) (1).

وقد تطابقت وتظافرت الأخبار بأن الإرادة من صفات الفعل ، وليس شيء غير العلم والقدرة من صفات الذات ، والحياة صفة تنتزع عنهما ، وبقية الصفات كلها من صفات الفعل ، ومنها الإرادة ، فهي على هذا ليست بأزلية ، بل هي كسائر الأفعال ربما تصدر

Page 209