Al-Hidāya ʿalā madhhab al-Imām Abī ʿAbd Allāh Aḥmad b. Muḥammad b. Ḥanbal al-Shaybānī
الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
Editor
عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل
Publisher
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م
Genres
مِنَ الطَعامِ جَازَ، وإجابَةُ الدَّاعِي إليها إذا كَانَ مُسْلِمًا وَاجِبَةٌ، فإنْ دَعَاهُ في اليَومِ الثَّانِي استحبَّ له الإجَابَةُ، فإنْ دَعَاهُ في اليَومِ الثَّالِثِ لم يستحبَّ له الإجَابَةُ، وإذا دَعَاهُ اثْنَانُ أجَابَ السَّابِقَ مِنْهُمَا، فإنْ كَلَّمَاهُ جَمِيعًا، أجابَ أدْيَنَهُمَا، فإن اسْتَوَيَا أجَابَ أقْرَبَهُمَا إليهِ جِوارًا. فإنْ دَعَا الجَفَلَى (١) فقالَ: أذِنْتُ لِكُلِّ مَنْ جَاءَ نِي لم يستحَبَّ له الحُضُورُ.
وإذا حَضرَ، فإنْ كانَ صَائِمًا صَومًا وَاجِبًا دَعَا وانْصَرَفَ ولمْ يُفْطِرْ، وإنْ كانَ مُتَطَوِّعًا أو كانَ في تَرْكِهِ للأكْلِ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي حَضَرَ واستحبَّ لهُ الإفْطَار، فإنْ دُعِيَ إلى وَلِيمَةٍ فيها آلَةُ اللَّهْوِ، فإنْ كانَ قَادِرًا عَلَى الإنْكَارِ حَضرَ واسْتحبَّ لهُ، وإنْ كانَ لا يَقْدِرُ على الإنْكَارِ لمْ يَحْضُرْ. فإنْ حَضَرَ ولمْ يَعْلَمْ فَشَاهَدَ المُنْكَرَ أنْكَرَهُ وأزَالَهُ، وإنْ لَمْ يَقْدِرْ على ذَلِكَ انْصَرَفَ. فإنْ حَضَرَ وعَلِمَ بِالْمُنْكَرِ إلاَّ أنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْهُ، ولمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَنْصَرِفْ.
فإنْ رَأى على الثِّيَابِ صُورَةَ حَيَوَانٍ وكَانَتْ مَفْرُوشَةً بِحَيْثُ تُدَاسُ أو يُتَّكَأُ إلَيْهَا كَالبُسُطِ والمَخَادِّ جَلَسَ، وإنْ كانَتْ في سُتُورٍ مُعَلَّقَةٍ أو حِيْطَانًا، لمْ يَجْلِسْ إلاَّ أنْ تُزَالَ. فإنْ سُتِرَتِ الحِيْطَانُ بِسُتُورٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ، أو عَلَيْها صُورَةٌ لا حَيَوَانَ، فَعَنْهُ (٢): أنَّهُ حَرَامٌ فَلا يَجْلِسُ، وعَنْهُ (٣): أنَّهُ مَكْرُوهٌ فلا يَنْصَرِفُ.
وأمّا الوَلِيْمَةُ لِغَيْرِ العُرْسِ فَهِيَ جَائِزةٌ، والإجَابَةُ إليهَا غَيرُ وَاجِبَةٍ، والدُّعَاءُ إلى الوَلِيْمَةِ إذْنٌ في أكْلِ الطَّعَامِ (٤)، ويُسْتَحَبُّ غَسْلُ اليَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وبَعْدَهُ، وعنهُ أنَّهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ شَيْخُنا (٥). ولا يُبَاحُ أكلُ طَعامِ أحَدٍ إلاَّ بإذْنِهِ، والنِّثَارُ والتقاطُهُ مَكْرُوهٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٦)، وفي الأُخْرَى غَيْرُ مَكْرُوهٍ (٧). ومَنْ وَقَعَ في حِجْرِهِ شَيءٌ مِنَ النِّثَارِ فهُوَ لهُ (٨).
= انظر: المعجم الوسيط: ٩٠١.
(١) الجفلى: بفتح الجيم والفاء معًا، هي الدعوة العامة للطعام. انظر: الصحاح ٤/ ١٦٥٧، ولسان العرب ١١/ ١١٤ (جفل).
(٢) انظر: المغني ٨/ ١١٤، والإنصاف ٨/ ٣٣٧.
(٣) وهذا القول اختاره القاضي. انظر: الشرح الكبير ٨/ ١١٧، والإنصاف ٨/ ٣٣٧.
(٤) وقال الشيخ عبد القادر في الغنية: لا يحتاج بعد تقديم الطعام إذنًا إذا جَرَت العادة في ذلك البلد بالأكل بذلك، فيكون العرف إذنًا. انظر: الإنصاف ٨/ ٣٣٩.
(٥) انظر: الإنصاف ٨/ ٣٢٤.
(٦) وهذا القول اختاره القاضي والشريف والشيرازي والخرقي. انظر: المغني ٨/ ١١٨، الزركشي ٣/ ٣١٤ - ٣١٥، والإنصاف ٨/ ٣٤٠.
(٧) وهي اختيار أبي بكر. انظر: المغني ٨/ ١١٨، والزركشي ٣/ ٣١٥، والإنصاف ٨/ ٣٤١.
(٨) وقيل لا يمكله إلا بالقصد. انظر: الإنصاف ٨/ ٣٤١.
1 / 410